انتقاد رئيس الجزائر أهون من رئيس الفاف

+ -

يفرض رئيس الاتحادية الجزائرية لكرة القدم تسييرا ديكتاتوريا لشؤون اللّعبة الأكثر شعبية، بسياسة ترتكز أساسا على فرض قرارات تعسفية على الأندية وكل الهيئات الكروية، تميل أكثر إلى التشدّد على اللّيونة، وتحمل في طياتها بأن منطق الترويض هو الحلّ الوحيد لردع من يساهم بانتقاداته، حسب قناعته، في إفشال مشروع الاحتراف. رغم أن تجاوز الخطوط الحمراء خلال التصريحات الصحفية ينجرّ عنه منطقيا فرض إجراءات عقابية على مستوى كل البطولات في العالم، إلاّ أن الفارق بين ما هو حاصل على مستوى “الفاف” وبين بقية الاتحادات في العالم، على الأقل الاتحادات التي تحترم سلطة القانون، يكمن في مدى تفعيل دور كل الهيئات الكروية، وسنّ القوانين برؤى جماعية وتطبيقها دون تمييز، وإلغاء منطق الاستثناء، لضمان بناء سياسة كروية حقيقية تضمن الشفافية والاحترافية وترسّخ في النهاية، ثقافة العمل في جوّ من الثقة، تقلّ فيه، حتى لا نقول تزول، كل رواسب الممارسة الهاوية للّعبة.واقع الكرة الجزائرية، من خلال القرارات الصادرة في قالب الإجراءات العقابية، مؤشّر خطير على أن الديمقراطية أُسقطت قسرا من قاموس اللّعبة، وأضحى الانتقاد والتنديد بـ “الحڤرة” وكشف فضائح وعورات مشروع الاحتراف وصانعيه في خانة الممنوعات، رغم أن تصريحات الفاعلين في كرة القدم الجزائرية تندرج أساسا في سياق الجوانب السلبية للتسيير فوق المستطيل الأخضر وخارجه الذي وجب معالجته.تهديد المدرّبين واللاّعبين والمسيرين ومسؤولي النوادي المحترفة بمقصلة “قانون على المقاس”، وإرغامهم، من خلال سياسة الترهيب، على التحوّل إلى صمّ بُكم عُمي، تجاوز خطير في بلد ديمقراطي يُسمح فيه بانتقاد رئيس الجمهورية نفسه، ما لم يأخذ الانتقاد بُعدا آخر لا علاقة له بالممارسة السياسية، وهو إجراء أيضا، يقترب من الديكتاتورية التي تصاغ في كنفها القوانين بالجملة بما يخدم سياسة الردع التي تغلق كل منافذ للرأي الآخر.. رأي يُمكنه أن ينبّه رئيس الاتحادية ومختلف مسؤولي الهيئات الكروية إلى مكمن الخلل، وينير طريق هؤلاء نحو معالجة كل النقائص، دون الشعور بأن الانتقاد هو تقليل من شأن الهيئة الكروية ذاتها أو إهانة لها. وأكثر ما يلفت الانتباه في الإجراءات العقابية القاسية التي مسّت بعض الوجوه المعروفة على الساحة الكروية بتهمة “الانتقاد”؛ عدم محاولة الغوص في خلفيات الاتهامات التي ضربت مختلف الهيئات المسيّرة للكرة ومسؤوليها أيضا، بل إن الإجراء الوحيد المعتمد رسميا، تم فرضه “كراهية” على الجميع، بشكل أضحت العقوبة تلو الأخرى بمنزلة رسالة مشفّرة لكل الفاعلين في الكرة على أن هامش الحرية للتعبير عن التذمّر والسخط من واقع الكرة التعيس، منعدم تماما، ومعه تُهضم حقوق الرياضيين والمدرّبين والنوادي على حدّ سواء، طالما أن هاجس الديكتاتورية انتشر بشكل مخيف في محيط كرة القدم، ولم يعد الإعلام نفسه يراه على حقيقته حتى يحاربه أو يدافع عن تسيير ديمقراطي حقيقي لمشروع احتراف الكرة، الذي لن يتقدّم بخطوات إلى الأمام ما لم تستوقفنا ديكتاتورية قرارات مصنّفة ضمن تجاوزات الرأي الأحادي الذي يمارس مسؤولوه هواية تكميم الأفواه.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: