تطور أشكال الاحتجاج على السياسات الاجتماعية

+ -

 تطورت أشكال التعبير عن الرفض الشعبي والاحتجاج على السياسات الاجتماعية في البلاد، لتأخذ أشكالا جديدة في التعبير، فمن الإضراب عن الطعام الذي ميز البلاد في ثمانينات القرن الماضي، والذي غالبا ما ينظمه الموقوفون السياسيون، إلى المظاهرات والاحتجاج العلني إلى حرق الأجساد، ثم أخيرا خياطة الأفواه، وهي الطريقة الجديدة في المقاومة ضد التغييب الاجتماعي وممارسات السلطات العمومية.فقد اكتشف الجزائريون طريقة جديدة للتعبير عن الغبن الاجتماعي والإقصاء وصد أبواب الحوار في وجوههم، باللجوء إلى تخييط الأفواه، تعبيرا عن عدم جدية أي حوار مع الطرف الآخر. وقد تطورت أشكال الاحتجاجات في المجتمع الجزائري مع تطور المجتمع ونموه الديمغرافي، ففي الثمانينات اهتدى معارضون سياسيون من الحركة الثقافية البربرية إلى تنظيم إضراب عن الطعام في زنزانتهم للمطالبة بتعجيل محاكمتهم، وسرعان ما أخذ هذا الأمر في الانتشار ونقل إلى الشارع، بحيث شهدت الجزائر أول إضراب عن الطعام مباشرة بعد الانفتاح الديمقراطي سنة 1989، قادته المجاهدة جميلة بوباشا، وشارك فيه عشرات المناضلين بإحدى بلديات العاصمة، للمطالبة برحيل رئيس بلديتها. وتطورت أشكال الاحتجاجات إلى احتلال الشارع وتنظيم الاحتجاجات والاعتصامات على مدار سنوات الانفتاح الديمقراطي في البلاد، كان أبرزها تلك المسيرات التي نظمها الحزب المنحل، وشملت أيضا باقي الولايات خصوصا منطقة القبائل، التي تطورت فيها الاحتجاجات لتأخذ شكل عصيان مدني فيما عرف بـ”الربيع الأسود”.وأمام الهزات السياسية التي عرفتها البلاد ودخولها في دوامة العنف لعشرية كاملة من الزمن، تراجع ضجيج المسيرات، وأخذ الرفض الاجتماعي أشكالا خطيرة، بإقدام مواطن من ولاية الجلفة، سنة 2006، على حرق نفسه بدار الصحافة الطاهر جاووت بالعاصمة، وكانت تلك بداية لحوادث أخرى مماثلة طبعتها حادثة البوعزيزي في تونس، لتتطور الأمور باكتشاف سكان الجنوب طريقة جديدة تمثلت في خياطة أفواههم، بعد أن تم تداول أخبار عن قيام مواطنين بعنابة بتقطيع أجسادهم في احتجاجات ضد الإقصاء من السكن.. وفي انتظار فتح السلطات الحوار مع المواطنين، يبقى هؤلاء المغلوب على أمرهم “يبدعون” في طرق الاحتجاج لإسماع أصواتهم.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: