باريس تضحي بفابيوس وتختار آيرو على رأس الخارجية

+ -

شكّل رحيل رئيس الدبلوماسية الفرنسي لوران فابيوس من حكومة فالس، أمس الأول، وتعويضه بالوزير الأول الأسبق جون مارك آيرو، مؤشرا لإخفاق سياسي لباريس في معالجة العديد من الملفات، على رأسها الملف السوري، فقد ظلت فرنسا من بين الدول المصممة على الابتعاد عن أي حل سياسي توافقي دون رحيل مسبق للرئيس السوري بشار الأسد. أظهرت فرنسا تعاطفا ضمنيا لتنظيمات مسلحة، بداية بتصريح الوزير الفرنسي المغادر للطاقم الحكومي، بأن جبهة النصرة تقوم بعمل جيد في سوريا، رغم إدراك المسؤولين الفرنسيين بأن النصرة كانت مدرجة ضمن التنظيمات الارهابية.ورغم إعادة تأكيد الرئيس فرانسوا هولاند على أهمية رحيل الرئيس السوري بشار الأسد لتفادي الظهور بمظهر المتنصل من المواقف المعلنة من قبل وزير الخارجية السابق، إلا أن التوجهات الفرنسية المتوقّعة ستكون في سياق التحوّلات الحاصلة في الميدان السوري، على أساس تقارب في الرؤى والمواقف مع روسيا بالخصوص، خاصة أن الرئيس هولاند حاول في الآونة الأخيرة تقريب الدول الحليفة في إطار الناتو بروسيا، فيما يتعلق بالملف السوري ومواجهة تنظيم داعش، بعد عملية باريس في 13 نوفمبر 2015 التي تلاها قصف جوي فرنسي مكثف على الرقة السورية، معقل التنظيم، واستهدفت معسكرات للتدريب ومخازن الأسلحة، ومباشرة باريس عمليات استخباراتية تستهدف بالأساس العناصر الفرنسية.وبغض النظر عن اعتبار الاتفاق النووي الإيراني الغربي ضمن مكاسب عهدة فابيوس، إضافة إلى نجاح المؤتمر حول التغيرات المناخية في باريس، إلا أن موقف باريس اتسم بسوء التقدير الكبير بخصوص الملف السوري، حين راهنت باريس بعد 2011 على انهيار سريع للنظام السوري، وهو ما أخرج فرنسا من دائرة الفاعلين في الساحة السورية، ودفع فابيوس إلى إبداء مواقف مساندة حتى للتنظيمات المسلحة التي صنفت إرهابية، وأعلنت ولاءها لتنظيم القاعدة مثل النصرة، في وقت كانت باريس عبر عملية برخان توسع نطاق عملياتها ضد التنظيم في منطقة الساحل.هذه التناقضات أفقدت باريس الكثير من النقاط، وقلّصت من هوامش حركتها في مستعمرتها السابقة، وإن حاولت في آخر المطاف التنسيق مع روسيا كأمر واقع وتليين مواقفها لتتماشى مع التحوّلات الميدانية.ويبدو أن خلفه الوزير الأول الأسبق جون مارك آيرو، العارف بشؤون الشرق الأوسط، قد يحدث تغييرا تدريجيا في التعاطي مع الملف السوري، وتشددا أكبر في مواجهة التنظيمات المسلحة، وهو ما برز قبل رحيل فابيوس في تصريحات تؤكد إمكانية التعاون مع الجيش السوري في محاربة تنظيم داعش، وبروز تنسيق استخباراتي غير معلن للإبقاء على تموقع فرنسي في منطقة كانت إلى وقت قريب امتدادا لمنطقة النفوذ الفرنسية في لبنان، التي فقدتها بسبب سياسات وصفت بالمتسرعة في فترة فابيوس بالخصوص.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات