سوناطراك والمولودية... الهدية المسمومة

+ -

لم يكن الرئيس الراحل هواري بومدين يتصور أنه عندما وضع فريق مولودية الجزائر تحت وصاية الشركة العملاقة سوناطراك، تحت ما اصطلح عليه بالإصلاح الرياضي، أنه يقدم هدية مسمومة لعميد النوادي الجزائرية الذي لازال يعاني تبعات هذه الشراكة إلى يومنا هذا.

دفعت مولودية الجزائر ولازالت تدفع الثمن غاليا جراء هذا “الإصلاح” الذي تسبب في إبعاد مسيري الفريق المخلصين الذين صنعوا مجده، يتقدمهم الرئيس التاريخي عبد القادر ظريف لفائدة موظفي الشركة البترولية الذين كان العميد آخر اهتماماتهم.ويكفي تقديم بعض الأرقام للكشف عن تردي حال الفريق منذ إشراف سوناطراك عليه، حيث نجد أن فريق مولودية الجزائر لكرة القدم، ومنذ تولي مسؤولي الشركة البترولية الوصاية عليه سنة 1977، اكتفى بالتتويج بـ 7 ألقاب، وهذا على امتداد 4 عقود كاملة، بالمقابل حصد الفريق قبل هذه الشراكة 8 ألقاب محلية وقارية في ظرف 5 سنوات فقط (من 1971 إلى 1976) منها اللقب الأغلى كأس إفريقيا للأندية البطلة، الأول من نوعه في تاريخ الجزائر.وعلى امتداد 4 عقود أيضا، صرفت الشركة البترولية أموالا طائلة على فريق كرة القدم لمولودية الجزائر، دون أن ينعكس ذلك في الارتقاء بمستوى الفريق الذي لامس العالمية قبل تلك الفترة (ثلاثية تاريخية سنة 1976) ولا حتى على مستوى المرافق، حيث لا يملك الفريق الأكثر شعبية في الجزائر ملعبا خاصا به أو مرفقا رياضيا أو حتى ميدانا للتدريب.وحاول الرئيس التاريخي للمولودية عبد القادر ظريف إنقاذ الفريق بإخراجه من هيمنة سوناطراك، عندما دعا لتسليم مقاليد التسيير لأبناء الفريق ممن انتسبوا لجمعية “أل المولودية”، على أن تبقى الشركة البترولية ممولا للنادي، لكن الأمور لم تسر كما كان يشتهي، حيث رفض وزير الطاقة والمناجم، وقتها شكيب خليل، تحقيق الشرط الثاني، لتنسحب سوناطراك مباشرة من تمويل فرع كرة القدم ليطلق ظريف وقتها تصريحه الشهير “المولودية سلمت للشارع”.وعرفت سنة 2008 فصلا جديدا من أزمة المولودية – سوناطراك لما اضطر الفريق مكرها وبضغط من رئيسه السابق محمد جواد، للتنازل عن فروعه الرياضية الأخرى (13 فرعا تضم أكبر الفرق والرياضيين الدوليين) بشكل نهائي، ليحوزها جواد وسوناطراك تحت مسمى المجمع البترولي، ملغيا تاريخ هذه الفروع مع المولودية، وهذا مقابل تخلى سوناطراك عن شعار المولودية لفرع كرة القدم الذي صار الممثل الوحيد للعميد في الساحة الرياضية.وبعد بضع سنوات من القطيعة، عادت سوناطراك للإشراف على مولودية الجزائر بقرار سياسي غير مدروس، واشترت الشركة البترولية بمبلغ 70 مليار سنتيم شركة العميد، دفع أكثر من نصف المبلغ لتصفية الديون التي خلفها المسير السابق عمر غريب، وعقد أنصار الفريق آمالهم على هذه العودة، خاصة مع الإمكانيات الضخمة التي رصدت لذلك، لكن النتائج جاءت كارثية مع تعدد أخطاء الموظفين الذين استعانت بهم سوناطراك لتسيير الفريق.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: