الباحث عن المعلومة الذي تحوّل إلى صانع قرار

+ -

 يصنّف الراحل، محمد حسنين هيكل، كشخصية مرموقة في العالم العربي، تحول من صحفي وكاتب بامتياز، إلى مشارك في صنع القرار السياسي، بسبب قربه من الرئيسين المصريين جمال عبد الناصر وأنور السادات الذي اختلف معه لاحقا. كما يعتبر موسوعة تحفظ أسرار عصر بكامله، في مختلف شؤونه السياسية والثقافية بحكم اقترابه من سيدة الطرب العربي أم كلثوم والروائي نجيب محفوظ.ولد هيكل سنة 1923، بقرية باسوس إحدى قرى محافظة القليوبية، واشتغل في الصحافة منذ عام 1942، بالتحاقه بقسم الحوادث في صحيفة “الإيجيبشان جازيت”. وفي عام 1944 انتقل الأستاذ هيكل إلى صحيفة “آخر ساعة”، قرر أثناء حرب فلسطين 1948 السفر إلى القدس لتغطية الأحداث التي تجري هناك، ونال خلال تلك الفترة جائزة “فاروق الأول للصحافة العربية”، عن سلسلة تحقيقات أجراها في قرية القرين بمحافظة الشرقية، التي انتشر فيها وباء “الكوليرا” بعنوان “الحياة في قرية الموت”. وبعد 5 سنوات قضاها في العمل في صحيفة “أخبار اليوم”، عيّن هيكل رئيسا لتحرير “آخر ساعة” في 1952، بعدما أعلن علي أمين استقالته، وتعيينه لهيكل بدلًا منه تقديرًا لموهبته وجهده. وحينما قامت ثورة 1952 وجاء “عبد الناصر” إلى الحكم، كان “هيكل” أحد الوجوه الصحفية المعروفة، باعتباره أحد مراسلي حرب 1948، حينها رفض هيكل عرضًا من جمال عبد الناصر، لرئاسة تحرير صحيفة “الجمهورية”، وتمثل سبب رفضه في إيمانه بأن الثورة لا تحتاج جرائد تعبّر عنها، فكل صحافة مصر تفعل هذا الشيء. وفي سنة 1951، صدر له أول كتاب بعنوان “إيران فوق بركان”، بعد رحلة إلى إيران استغرقت شهرا كاملاً. وفي عام 1953 حرر كتاب “ فلسفة الثورة” للرئيس عبد الناصر. وعلى رغم ذلك بدأت الصداقة بين “عبد الناصر” وهيكل، واستطاع في سنوات قليلة أن يكون الصحفي المقرب من الرايس، وفي خلال تلك الفترة تولى رئاسة تحرير “الأهرام” عام 1957، وبقي فيها 17 عامًا حتى 1974. وعلاقة الصداقة بين هيكل وعبد الناصر نقلته من خانة الصحفي الذي يبحث عن المعلومات، إلى خانة المشاركة في صنع القرار والمحرك للعديد من الأحداث، وأحد صنّاع تاريخ مصر بعد ثورة يوليو.عيّن هيكل وزيراً للإعلام عام 1970، فعيّن المفكر عبد الوهاب المسيري مستشارا له. وبعد وفاة عبد الناصر في سبتمبر 1970 وتولي السادات رئاسة الجمهورية، جمعته علاقة طيبة به وكان من المؤيدين له، فكتب هيكل ثلاثة مقالات حملت عنوان “السادات وثورة التصحيح”. وظلت علاقة هيكل بالسادات جيدة حتى حرب أكتوبر، وبعدها أعلن هيكل رفضه لطريقة تعامل السادات مع انتصار حرب أكتوبر سياسيًا، حيث رأى أنه أعطى للولايات المتحدة دورًا أكبر مما تستحقه، لينتهى الأمر بينهما إلى حد الخلاف، وأبعده السادات عن جريدة “الأهرام”، في فيفري 1974، بعد أن نشر آخر مقال له بعنوان “ الظلال.. والبريق”. وكان الرئيس السادات قد أصدر قرارا يقضي بإلحاق هيكل كمستشار له، لكنه رفض المهمة المسندة اليه، فقال مقولته الشهيرة :”إن الرئيس يملك أن يقرر إخراجي من الأهرام، وأما أين أذهب بعد ذلك فقراري وحدي، وقراري هو أن أتفرغ لكتابة كتبي.. وفقط”، كما أنه سجن ضمن اعتقالات طالت كثيرين من المعارضين في سبتمبر 1981. وفي بداية حكم “مبارك” كان الأستاذ هيكل معجبًا به، وأعلن عن تأييده الشخصي له، ودعا المواطنين لتأييده ومساعدته لينجح في مهمته، وعلى رغم محاولات مبارك لأن يكون هيكل في محيط صناعة القرار، إلا أنه فضّل التفرغ للكتابة. وقد تسبّبت المحاضرة التي ألقاها هيكل في الجامعة الأمريكية عام 2002، في توتر العلاقة بين هيكل والرئيس الأسبق مبارك، حيث قال: “السلطة شاخت في مواقعها، وهناك مخطط واضح لتوريث الحكم، ومهما كانت الصورة حلوة، فلا بد أن نقول كفاية”.ودعّم محمد حسنين هيكل، ثورتى 25 يناير، التي أطاحت بنظام مبارك، و30 يونيو التي عزلت نظام الإخوان من سدة الحكم. وألّف هيكل أكثر من مائة كتاب، ترجم أغلبها للانجليزية، كما قدّم كتب عدة مؤلفين أشهرهم كتاب “ماذا يريد العم سام”، للمفكر الأمريكي الشهير “نعوم تشومسكي”. وكتاب “غزة - أريحا.. سلام أمريكي” للمفكر الراحل إدوارد سعيد. وكذا كتاب “الأساطير المؤسسة للسياسة الإسرائيلية” لروجيه غارودي، كما قدّم كتاب “عرائس من الجزائر” للصحفية زينب الميلي”.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات