الجزائر تتخندق في الحل السياسي وأمريكا تفرض الخيار العسكري

+ -

 تؤشر العملية العسكرية الأمريكية ضد مواقع تنظيم “داعش “ في ليبيا، على بداية نفاد صبر العواصم العالمية الكبرى إزاء استمرار الأزمة السياسية في ليبيا وعدم حسم الخلاف بشأن حكومة الوحدة الوطنية، ما يعني أن بوادر الحل العسكري أخذت تشق طريقها بقوة في المنطقة رغم تحفظ دول جوار ليبيا ومنها الجزائر على الخيار العسكري. فهل ستتراجع الولايات المتحدة وحلفاؤهاعن هذا الخيار، أم أن الجزائر بمعية دول الجوار الأخرى هي التي ستلتحق بالحل العسكري بعد تردد دام سنوات ؟كشف وزير الخارجية الليبي، محمد دايري، في شهر ديسمبر الفارط، عن أرقام مرعبة بخصوص عدد مقاتلي تنظيم “داعش” المنتمين إلى دول جوار الجزائر، بحيث تحدث عن تواجد في ليبيا ما بين 4 آلاف و5 آلاف مقاتل في صفوف التنظيم. بل ذكر نفس المتحدث أن هذا الرقم مرشح للارتفاع، وقد تتحول ليبيا إلى أكبر معقل لـ”داعش”، ما لم تتدخل المجموعة الدولية، ما يعني أن ليبيا صارت مصدر خطر كبير على دول الجوار كالجزائر وتونس ومصر بالدرجة الأولى.في مقابل ذلك، تحدث مسؤول الحريات بوزارة الداخلية، بعدها بأسبوع ولأول مرة، عن تسجيل 200 جزائري في صفوف “داعش”، وهو رقم ضئيل إذا ما تمت مقارنته بأعداد مقاتلي التنظيم المنحدرين من جنسيات مغربية وتونسية، بحيث جاء في تقرير لمؤشر السلم العالمي لسنة 2015 أعده معهد “الاقتصاد والسلام الأمريكي”، أن هناك 1500 مغربي يقاتلون في صفوف “داعش” في سوريا والعراق و5000 تونسي دون حساب الجنسيات الإفريقية الأخرى في الدول المحيطة بالجزائر.وما زاد في حدة الخطر المحيط بدول جوار ليبيا، ومنها الجزائر، أن التدخل الروسي في سوريا والقصف الجوي للطائرات الحربية الروسية ضد معاقل تنظيم “داعش”، كان وراء مغادرة العديد من مقاتلي أبو بكر البغدادي المنطقة والتوجه إلى ليبيا بالدرجة الأولى، بالنظر لوجود مدن يسيطر عليها التنظيم في درنة وفي الجنوب الليبي. وضمن هذا السياق، كشف وزير الخارجية الليبي، محمد دايري، في شهر ديسمبر الفارط، أن أول عملية عسكرية نفذتها الولايات المتحدة الأمريكية يوم 14 أكتوبر الماضي، ضد “داعش”، أسفرت عن مقتل العراقي المدعو أبو نبيل واسمه الحقيقي وسام نجم عبد الزياد الزبيدي الذي وصف بأنه قائد تنظيم “داعش” في درنة الليبية، وهو ما يؤكد فرضية تنقل مقاتلي التنظيم من سوريا والعراق إلى ليبيا في الأشهر الأخيرة. كما لا يمكن جعل عملية احتجاز رهائن في فندق باماكو التي تبناها تنظيم المرابطون، بمعزل عن تداعيات الوضع في ليبيا، خصوصا أن التنظيم الذي يتزعمه مختار بلمختار كان يتواجد في ليبيا في الأشهر الأخيرة، حيث تردد نبأ مقتله في غارة أمريكية قبل أن تنفي جماعة المرابطون ذلك.من جانب آخر، كشفت مصادر استخباراتية إسبانية أن الإرهابي المقضي عليه البلجيكي من أصل مغربي، عبد الحميد أباعود، العقل المدبر لاعتداءات باريس الماضية، حاول الاتصال بشباب من أصول مغربية لتجنيدهم في صفوف التنظيم، وليتم إرسالهم، حسب وزير الداخلية الإسباني، فيرنانديث دياث، للقتال في صفوف داعش في مناطق النزاع بسوريا وليبيا. هذا المعطيات تجعل دولا مثل الجزائر ومصر وتونس على وجه الخصوص مجبرة على مسايرة الخيارات المطروحة في ليبيا والموجودة في الأجندة الدولية، ليس فقط لأن أول تداعياتها ستمس دول الجوار قبل أي بلد آخر، بل لأن دولا إفريقية بجوار ليبيا ترافع وتقايض من أجل الحل العسكري على غرار النيجر والتشاد ومالي وحتى مصر.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات