"الجزائر لا تؤثر في ليبيا بسبب موقفها من نظام القذافي"

+ -

بعد الضربة الجوية الأمريكية، هل يمكن الحديث عن بدء التدخل العسكري في ليبيا؟ ما حدث في صبراتة مؤخرا امتداد مباشر لأحداث 2011 ويندرج في إطار دفع الحل الدبلوماسي نحو الأمام كلما تعثر أو تباطأ. يمكن القول إن هناك سعيا لتغيير المعطيات في الميدان، ومع ذلك لا تكون الضربات الجوية ذات تأثير كبير. منذ مجيء باراك أوباما إلى البيت الأبيض، أصدر قرارا بعدم إرسال جنود أمريكيين يقاتلون برا في أي دولة أجنبية، تفاديا لسيناريو العراق وأفغانستان والصومال.. وقرر انتهاج أسلوب الحرب النظيفة التي تعني الاعتماد على الضربات الجوية الدقيقة والمركزة لإضعاف العدو أو تصفية قياداته وشل حركته.ماذا ستربح الجزائر من موقفها الرافض للتدخل في ليبيا؟ قبل فترة، مورست على الجزائر ومصر ضغوط للدخول في المستنقع الليبي عسكريا. أظن أن الموقف الرافض لذلك كان صائبا، رغم تبعاته. لقد تفادينا الغرق في المستنقع الليبي الذي لن ينجو منه أحد، بحكم النزاعات القائمة حول البترول والغاز، في ظل غياب تام لأي سلطة مركزية. علينا أن ندرك أن ليبيا حتى في زمن القذافي لم تكن تملك مؤسسات، بل كان القذافي يعتمد في حكمه على إقامة تحالفات وتوازنات مع القبائل، بخلاف تونس التي تملك مؤسسات ونخبا ونقابات.لكن هناك حكومة ليبية جديدة وبرلمانا؟ صحيح، لكن ذلك من الناحية الشكلية فقط، على الأرض ليس لهذه الحكومة أو البرلمان أي تأثير على مجريات الأحداث. بعبارة أخرى، لا يوجد نفوذ مباشر على فرقاء الأزمة الذين يخضعون لأجندات غربية وخليجية ومصرية. على سبيل المثال، مصر ترفض أن يشارك الإسلاميون في الحكم، بينما تونس والجزائر لا تعارضان ذلك بل وتحبذانه لما له من آثار على التوافق المنشود، ومن الصعب جدا إيجاد أي توازن للقوى المتصــارعة بدون إشراك الجميع في مسار البحث عن الحل.وماذا عن الدور الأمريكي؟ أمريكا تتبنى الحرب النظيفة، لذلك ستفعل كل ما بوسعها لمنع الإرهابيين من الاستقرار على شواطئ المحيط الأطلسي. خلال 30 سنة الماضية، انتقل الإرهاب من أفغانستان إلى المغرب العربي عبر الشرق الأوسط والخليج، وهذا يعني أن الخطر يتقدم ناحية الغرب وهي لا تقبل بتهديد أمنها. نفس الشيء بالنسبة إلى أوروبا، تنظيم مثل داعش أصبح على أبواب أوروبا، وقادر على ضرب المصالح الأوروبية واستقرار دول الاتحاد الأوروبي مثلما فعل في باريس في نوفمبر وجانفي 2015.لكن يوجد من يشكك في احتمال التدخل العسكري؟ نحن نتكلم بناء على حقائق. ليبيا بلد غير مستقر، وفوق أراضيها تتحرك جماعات إرهابية تعلن كل يوم أن سبب تواجدها هو ضرب المصالح الغربية والأمريكية والأنظمة الموالية لها. للأسف، الجيوش في دول الساحل ضعيفة وهشة ولا تقدر على محاربة الإرهاب الدولي، على الغرب أن يتدخل لمنع وصول الإرهابيين إليها، على الرغم من أن هذه العوامل لا تبرر من وجهة نظري التدخل الذي كان يتم بضربات جوية تنفذها طائرات مجهولة الهوية، والذي بدأ بالكومندوس الأوروبي الذي قتل القذافي بعد اعتقاله.ما المطلوب منا كجزائريين عمله لتفادي تداعيات ما سيقع في ليبيا؟ أولا، حماية حدودنا والاستعداد لحرب استنزاف قد تكون طويلة الأمد ومكلفة. ثانيا، علينا مطالبة المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته في مكافحة الإرهاب، الضربات الجوية لوحدها لا تكفي وتأثيرها محدود على مجريات الأحداث على الأرض، والدليل ما نشاهده في سوريا والعراق. ثالثا، في الحروب الجديدة، عندما ينهار سعر البترول من 140 إلى 30 دولارا، واستنزاف قدراتنا العسكرية، تلعب الجبهة الداخلية دورا كبيرا في تعبئة الرأي العام، لكن ما أراه أننا نفتقد للإجماع حول الكثير من الملفات. وللأسف، الجزائر خسرت الشعب الليبي عندما اختارت تأييد القذافي وأبنائه بدل السلطة أو الحكام الجدد. لا أعتقد أن لدبلوماسيتنا دورا تلعبه في ليبيا، ما بأيدينا هو حماية الحدود وتقوية الجبهة الداخلية.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات