38serv

+ -

 أوضح الخبير حسني عبيدي، مدير مركز الدراسات والأبحاث حول العالم العربي والمتوسط، أن الجزائر تعاملت بـ”هدوء” غير مقبول مع الأزمة الليبية، وتركت خيوطها تفلت وتوظف لغير صالحها في المنطقة. وقال في مقابلة مع “الخبر” إن “الدبلوماسية الجزائرية كانت حاضرة في كل مراحل مسار البحث عن حل سلمي، إلا أن الأمم المتحدة تجاوزت مقاربتها”.كيف تقرأ الوضع في ليبيا على ضوء الضربة الأمريكية الأخيرة؟ يؤسفني القول إن الوضع في ليبيا يتطور على نحو سلبي، لأن معطيات الصراع لا تتجه نحو التهدئة. محليا، أي في الداخل الليبي، لا نجد أي نوع من التوافق الإقليمي حول شكل الحل الذي يحمل هذا البلد الجار إلى بر الأمان. ثم إن هناك الفشل الذريع لمقاربة منظمة الأمم المتحدة التي بنيت على تسرع خطوات مبعوثها الشخصي السابق برناردينو ليون، الذي يتحمل بشكل مباشرة التأزم السياسي. وأعتقد أنه حتى خليفته كبلار أخطأ بمواصلة السير على نهج سلفه ليون. هناك في ليبيا عدة أطراف متناحرة فيما بينها. هناك طرف داخلي يريد أن يكون التدخل العسكري لصالحه، وهذا الطرف يتمركز في منطقة شرق ليبيا، ومن بين الداعين إلى هذا الخيار، خليفة حفتر، المستبعد من طرف منظمة الأمم المتحدة من أي تسوية. أما الطرف الآخر فهو يتمركز في الغرب الليبي ولا يريد أي شكل من أشكال التدخل العسكري لأنه سيزيد الأزمة تأزما.أين الجزائر مما يجري في هذا البلد الجار؟ بصراحة وللأسف الشديد، موقف الجزائر قبل القذافي يختلف عما بعده. لم تستطع الجزائر رغم كل ما تبذله من جهود، فتح قناة اتصال مع المعارضة الليبية لكي تكون قاطرة للحل السياسي والسلمي، رغم استدراكها الأمر باللقاء الذي جمع الرئيس عبد العزيز بوتفليقة ورئيس المجلس الوطني الليبي السابق مصطفى عبد الجليل في قطر فيما بعد. علينا أن نتفق من البداية على أن ليبيا تعتبر بالنسبة إلى الجزائر بمثابة امتداد للأمن القومي الجزائري، بل هي أولوية حيوية جدا لاستقرارها السياسي، وهي البوابة الهشة للجزائر.وماذا عن موقفها من التدخل العسكري؟ في رأيي، موقف الجزائر هو الأكثر اعتدالا وهو الأفضل مقارنة مع مواقف باقي الدول، سواء في الجوار أو على الصعيد الإقليمي، كل الأطراف الليبية، في الشرق والغرب والجنوب. كما يعتبر موقف الجزائر ودورها الدبلوماسي محل احترام من قبل كل أطراف الأزمة، على أساس أنها غير متسرعة وتسعى لإشراك كل الأطراف وتوظيف كل المعطيات على الأرض. أين أخطأت الجزائر؟ الجزائر لم تخطئ بالمفهوم المتعارف عليه عند عموم المتتبعين للشأن الليبي. أظن أن الذي أخطأ هي منظمة الأمم المتحدة بتبنيها اتفاق مدينة الصخيرات المغربية. لقد أراد برناردينو ليون التوصل إلى اتفاق رغم كل شيء. الدبلوماسية الجزائرية لم تكن غائبة لكنها كانت هادئة جدا، وبطيئة في بعض الأحيان، كانت تأخذ كل الوقت في إشراك كل المناطق الليبية في الحل، وهو الشيء الذي لم تفعله منظمة الأمم المتحدة عن طريق مبعوثها السابق الدبلوماسي الإسباني برناردينو ليون. لماذا تسرع ليون؟ لقد كان مستعجلا في إبرام اتفاق الصخيرات، رغم علمه المسبق بأنه لن يكون كافيا لإعادة الاستقرار إلى ليبيا. هو لم يجمع كل الأطراف. لا يجب أن ننسى بأن التدخل الأجنبي وبخاصة حلف الأطلسي، هو الذي أطاح بالقذافي، كما أن الجزائر تصر على أن أي حل لا يقوم على مقاربتها التي تدعو إلى لم شمل كل الليبيين حول هذا الحل، لا يمكن أن يحظى بتوافق داخلي. والأهم من ذلك، الجميع يعلم أن كلمة الجزائر مسموعة من الأغلبية الساحقة من القوى والفعاليات الليبية، التي تثق في نواياها ومتأكدة من أنه ليس للجزائر أي أطماع في بلدهم. بالمقابل، وجدنا أن المجتمع الدولي الذي هو عبارة مختصرة المقصود بها كل من فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا، يريد تفعيل اتفاق الصخيرات ويريد حكومة ليبية تعطي الشرعية لتدخله العسكري. بينما تريد الجزائر اتفاقا مقبولا من جميع الأطراف.ماذا ستجني الجزائر من هكذا خيار؟ الجزائر تعلم بأن ليبيا التي هي عمقها الحيوي، في حال أي تدخل أجنبي، ستكون المنطقة الرخوة بالنسبة للأمن القومي الجزائري، وتداعياته السياسية والإنسانية والأمنية ستتجرعها الجزائر بشكل أكبر. للأسف لم تستطع الجزائر ترجمة خبرتها إلى قوة دبلوماسية ضاربة. هناك من يستبعد سيناريو التدخل، هل توافق هذا الطرح؟ لحد الآن، التدخل مر بمرحلتين، الأولى أنه منذ صيف 2015 بدأت تصريحات فرنسية تنادي إليه، للتصدي لنزوح اللاجئين وتدمير معسكرات تدريب الإرهابيين. أما المرحلة الثانية، فهي تتحدد باتفاق الصخيرات، والذي اجتهد الغربيون في الدفع به بغية إنشاء حكومة ليبية لتوفير الغطاء لأي ضربات في العمق الليبي، وخاصة في المناطق الخارجة عن السيطرة، والتي تتواجد فيها مراكز تدريب إرهابيي تنظيم داعش، رغم أن المعطيات تشير إلى أن عدد المقاتلين الليبيين في داعش ضئيل جدا وغالبية عناصره هم من الأجانب، بالإضافة إلى أن شعورا بالقلق يتملك الأوروبيين من أن تصير بعض مناطق ليبيا عاصمة احتياطية لتنظيم داعش في شمال إفريقيا، وهو ما يعني أن الخطر الداهم يوجد على أبواب أوروبا، لذا هم يصرون على التدخل عسكريا.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: