+ -

دقت مصالح الأمن المختصة في مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية ناقوس الخطر من تفشي ظاهرة استهلاك تلاميذ الطورين المتوسط والثانوي الحبوب المهلوسة، وهي الظاهرة التي كانت محل تقرير أنجزته المديرية العامة للشرطة القضائية للأمن الوطني، وجه لقواتها العاملة بالميدان وإلى قطاع التربية الوطنية ورؤساء مراكز علاج المدمنين.حذرت مصالح مختصة في مكافحة آفة المخدرات والمهلوسات، تابعة للمديرية المركزية للشرطة القضائية للأمن الوطني ومصالح أخرى تابعة لقيادة الدرك الوطني، من تجاهل تبعات ظاهرة خطيرة تفشت في الوسط المدرسي خلال السنوات الخمس الماضية، وأضحت تنخر جسد التلاميذ، وهي ترويج واستهلاك الأقراص المهلوسة والعقاقير المؤثرة على السلامة العصبية والعقلية.وكشف مصدر أمني متخصص لـ”الخبر” أن بعض الثانويات والمتوسطات والمراكز الثقافية ودور المطالعة والمكتبات الجوارية، إضافة إلى بيوت الشباب بالمدن الكبرى وبعض الأحياء الراقية بولايات البليدة، الجزائر العاصمة، تيبازة، عنابة، وهران، سطيف، البويرة وسيدي بلعباس، غزتها الحبوب المهلوسة التي تروج بين فئات عمرية تتراوح ما بين 15 و19 سنة.ووفقا لمعلومات أوردها مصدر أمني لـ”الخبر”، فإن التقارير المنجزة من طرف مكاتب الاستعلامات العامة وكذا الملفات القضائية التي أنجزتها فرق الشرطة القضائية التابعة لأمن الدوائر ومن خلال ارتفاع حجم العمليات التي تنجزها فرق مكافحة المخدرات التابعة لمصالح أمن الولايات المذكورة سابقا، أظهرت تسارعا خطيرا لمعضلة ترويج أنواع خطيرة من الحبوب المهلوسة في محيط الثانويات وبدرجة أقل في محيط المتوسطات، ولم يعد استهلاكها مقتصرا، حسب مصادرنا، على الذكور بل أضحى في متناول بعض الفتيات المراهقات بداعي الفضول ثم الإدمان.وتفيد مصادرنا بأن التقرير المنشور شهر ديسمبر 2015 عبر المصالح المختصة أبرز تطورا لافتا في عمليات نوعية تم إنجازها مؤخرا ببعض الولايات، خصوصا في البليدة والجزائر العاصمة، حيث كشفت تحريات ميدانية عن خيوط شبكات معقدة تقوم أساسا على نسج ارتباطات بين بعض المروجين مع طلبة متمدرسين أضحوا رهائن لبارونات الحبوب المهلوسة، حيث تقتضي الممارسات المرصودة اعتماد طرق شتى أبرزها اقتسام هؤلاء المجرمين البالغين والمسبوقين مناطق نفوذ في محيط المؤسسات التعليمية، ويقومون “بتجنيد” بعض التلاميذ من أجل ترويج المهلوسات في الوسط المدرسي.وتتحدث التقارير ذاتها عن أن المصلحة المختصة في مكافحة المخدرات وضعت يدها على عصابة تنتهج نفس الطريقة بقلب مدينة البليدة، واعتمد ذلك الملف نموذجا ميدانيا للفت انتباه قوات الشرطة والدرك لاحقا، حيث فككت فرقة مكافحة المخدرات بالبليدة، مؤخرا، عصابة محلية يقودها عنصر خطير استعمل سيارة نفعية بغرض ترويج كميات معتبرة من الأقراص المهلوسة من نوع “لاريكا” و”ريفوتريل” و”ديازيبام” وغيرها من المهدئات العصبية. ووفقا للمعلومات المستقاة من عصابات الترويج التي تمت الإطاحة بها، فإن الثانويات أضحت ميدانا خصبا لجماعات الترويج، حيث يقوم رؤساء العصابات باستدراج تلاميذ المدارس وتكون البداية باستدراج مراهقين محدودي الدخل إلى عالم الإدمان، إذ يزودونهم بأقراص مهلوسة مجانا، ثم يرتبطون بهم على المدى الطويل، ويصبحون همزة وصل بين المصدر الرئيسي وبين الفئة الطلابية المستهدفة داخل حرم المؤسسات وفي محيطها الخارجي القريب.ويعتمد بارونات الحبوب المهلوسة على وسطاء غالبا ما يكونون مراهقين وشبابا لا تزيد أعمارهم على 22 سنة، يزودهم الممونون الرئيسيون بدراجات، فيقوم هؤلاء بالطواف اليومي حول المؤسسات التربوية، حيث يلتقون بتلاميذ نظاميين، وهي الفئة التي تقوم باستلام علب تحتوي على صفائح مهلوسات، فيقومون ببيعها وسط زملائهم مقابل “أرباح” تتراوح ما بين 200 و300 دينار للقرص الواحد، وتختلف قيمة العائدات باختلاف نوعية وعلامة تلك الأدوية، حيث ذكرت مصادرنا أن الأقراص تروّج بأسعار لا تقل عن 1500 دينار خصوصا تلك المسماة “الصاروخ” وأخرى تدعى “لاريكا”، وبهذه الطريقة يرتبط “التلاميذ المروجون” بوسطاء البارونات ارتباطا ماليا.ونظرا للثمن الباهظ لهذه السموم، وإدمان الكثير من التلاميذ عليها، أصبح الكثير من التلاميذ، خصوصا في الأحياء الراقية وبعض الثانويات الكبيرة بالجزائر العاصمة، مدمنين عليها بسبب قدرتهم المالية على اقتنائها، وهو ما تكشفه أرقام رهيبة أضحت بين أيدي مصالح تابعة للمديرية العامة للأمن الوطني، حيث يقبل هؤلاء التلاميذ عليها لكونها لا تلفت الانتباه بالنسبة لحامليها وليست لها رائحة قد تلفت انتباه المشرفين على المرافق التربوية والأولياء.وذكر مصدرنا أيضا أن الإقبال عليها من طرف هؤلاء غالبا ما يكون من باب الفضول، فيما يعتبرها جزء من المدمنين علامة للنضج و”الرجولة” خصوصا بين أوساط التلاميذ الذين يعانون من الهشاشة النفسية.وجاء في التقرير توصيات بإحالة التلاميذ المشتبه في تعاطيهم المهلوسات نحو مركز علاج الإدماج وإخضاعهم لتحاليل دورية.وذكرت مصادر تابعة لوزارة الصحة أن المركز الإقليمي لعلاج الإدمان في تيبازة استقبل 566 حالة إدمان على مختلف المواد المحظورة، منها القنب الهندي، المهلوسات بمختلف درجات تأثريها ومواد “السوبيتاكس” للفئة العمرية ما بين 16 و25 سنة، نسبة كبيرة منهم تلاميذ في الطورين المتوسط والثانوي، فيما تتحفظ بعض المراكز على تقديم تفاصيل حول هذه الفئة بذريعة حفظ السرية المتعلقة بهذا الأمر. وقال مصدر من الجمعية الوطنية لأولياء التلاميذ إن تقريرا مفصلا حول الظاهرة قدم شهر نوفمبر 2015 أمــــام مكتب وزيرة التربية، وسبق لممثلي التنظيمات الوطنية للأولياء التنبيه لهذه الظاهرة المقلقة.  

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: