شباب قسنطينة.. عملاق حوّله مسيروه إلى قزم!

+ -

استبشرت الجماهير الغفيرة لشباب قسنطينة خيرا عندما أمضت مؤسسة “سوناطراك”، في شهر ديسمبر من عام 2012، على عقد ضم النادي القسنطيني إلى شركة “طاسيلي للطيران” راعيا رسميا للفريق، وخيل للجميع أن “السنافر” سيدخلون عهدا جديدا مليئا بالنجاحات، و”قصص” الأزمات المالية ذهبت دون رجعة، إلا أن كل هذه الأمور تبين أنها أضغاث أحلام.لم تفلح شركة “طاسيلي للطيران” في الإقلاع بالفريق العريق شباب قسنطينة إلى مراتب المجد، التي يطمح إليها الأنصار منذ تأسيسه، فلا النتائج الفنية تحسنت، ولا الأزمات المالية زالت، بدليل الإضراب الأخير الذي شنه اللاعبون للمطالبة بأجورهم العالقة، والمقدرة بأربعة أشهر، زائد ثلاث منح، علما بأن “طاسيلي” رفعت مؤخرا رأس مالها في الشركة، وأصبحت تحوز على 98 في المائة من أسهم النادي.يسيّر من العاصمة بموظفين... وليس مسيرينولعل أولى الأخطاء التي وقع فيها مسؤولو شركة “طاسيلي للطيران”؛ هو أنه أصبح تقرير مصير الفريق في عديد القضايا يتم من العاصمة، مقر تواجد الشركة، عبر عديد الاجتماعات التي لم تأت بالفائدة. كما أن الأمر الأكثر مرارة؛ هو تعيين مسيرين للفريق برتبة موظفين لا يعرفهم الجمهور، وليس لهم أي رابط بالنادي القسنطيني، ولا يملكون الكلمة في اتخاذ القرارات أو جلب الأموال للصرف على النادي، ويكتفون بدور المتفرج وانتظار حصولهم على أجورهم الشهرية.. وفقط، وهذا إذا استثنينا الإدارة الأولى في عهد “طاسيلي” المكونة من الثلاثي بوالحبيب وفرصادو وبوخزرة، التي كان لها نوعا ما حضور فعال في القرارات المتخذة، إضافة إلى الإدارة الثانية بقيادة عمر بن طوبال، الذي تمكن من قيادة الفريق إلى احتلال مرتبة مؤهلة إلى منافسة كأس “الكاف”.سبعة رؤساء دون صلاحيات في أربع سنواتوكما يعلم الجميع؛ فإن الاستقرار الإداري والفني من أهم عوامل النجاح لأي فريق، إلا أن شباب قسنطينة خالف هذه القاعدة. فمنذ عام 2012، تاريخ قدوم “طاسيلي” للفريق، تعاقب على تسيير هذا الأخير سبعة رؤساء، وهو رقم كبير.وكانت البداية في عام 2012 بمكرود الذي سيّر الفريق لأسابيع معدودة، قبل أن يترك منصبه لمحمد بوالحبيب الذي كان على رأس الفريق قبل قدوم “طاسيلي”، وواصل مشواره مع هذه الأخيرة إلى غاية منتصف موسم (2013/2014)، أين أجبر على الرحيل تحت ضغط الشارع بعد إقصاء الفريق من منافسة الكأس على يد شبيبة الشراڤة في الدور ربع النهائي، ليعوضه العقيد المتقاعد في الجيش، عمر بن طوبال، الذي استقال هو الآخر قبل بداية الموسم الكروي الحالي، بسبب خلافاته مع بعض المسيرين وعدم منحه كامل الصلاحيات من طرف “طاسيلي”، ليخلفه رئيس مجلس الإدارة آنذاك محمد حداد، الذي رحل في شهر ديسمبر الفارط بعد نهاية عهدته الأولمبية، فاسحا المجال لحركاتي الذي لم يعمر لأكثر من شهرين.. ليأتي بعده السعيد حميتي، الذي لم يجلس على مقعد المديرية العامة للفريق لأكثر من شهر، ويتقمص منصبه حاليا رئيس مجلس الإدارة الحالي بوديدة بصفة مؤقتة، في انتظار تعيين مدير عام جديد... وسبعة مدربين لقيادة الدكة في المدة نفسهايبدو أن إدارة شباب قسنطينة تعشق الرقم سبعة، حتى في عدد المدربين المتعاقبين على تدريب الفريق؛ فقد تولى خلال أربع سنوات منذ قدوم “طاسيلي” تدريب النادي سبعة مدربين، والبداية كانت مع المدرب الفرنسي العالمي روجي لومير الذي تزامن انتدابه مع قدوم شركة الطيران، ودرب الفريق لموسم واحد فقط (2012/2013)، احتل فيه المرتبة الثالثة وشارك من خلالها في كأس “الكاف”، قبل أن يغادر ويفسح المجال لغارزيتو الذي درب “السنافر” في مناسبتين، وبعده رشيد بلحوت الذي قاد هو الآخر الفريق في مناسبتين، وبعده سيموندي، إضافة إلى براتشي وفيلود، والمدرب الحالي ديديي غوميز.ويبقى الجانب الذي يشترك فيه كل هؤلاء المدربون؛ هو عدم حصولهم على الأجواء المناسبة للعمل بنجاح، فكان مصيرهم الفشل المنتهي إما بالإقالة أو الاستقالة، بالرغم من أن هؤلاء المدربين أنفسهم نجحوا مع فرق وطنية وعربية وإفريقية أخرى، عندما توفرت لهم الأجواء المناسبة للعمل.هدف البقاء لم يضمن بعد لفريق يسير بالملاييرويبقى شباب قسنطينة في ترتيبه المؤقت، بعد مرور 20 جولة من البطولة الوطنية، غير بعيد عن أول النازلين سوى بنقطتين فقط، ما يعني أن ضمان هدف البقاء لم يتحقق بعد لفريق يسير كل موسم بميزانية تتراوح ما بين 40 إلى 50 مليار سنتيم، وبلاعبين تصل أجور بعضهم إلى ما يقارب 300 مليون سنتيم شهريا.وهنا أكد العديد من الرؤساء الذين تعاقبوا على تسيير الفريق، أن هذه الأرقام خادعة؛ لأن الفريق يعاني دوما أزمة مالية خانقة، وأجور اللاعبين دائما متأخرة، ما يؤكد أن صرف الأموال المذكورة تتم بطرق غير منتظمة وفي مواقيت غير مناسبة أيضا، بسبب طول الإجراءات الإدارية التي تسمح بتسريح الأموال من طرف شركة عمومية، ما ينعكس سلبا على الأداء الفني للفريق، ويجعله يضيّع أهدافه في وقت مبكر من كل موسم.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: