+ -

يصف الأستاذ المساعد بجامعة “يحيى فارس” بالمدية، الدكتور هواري بلعباس، العنف بالظاهرة المرضية المعبّرة عن مجتمع يعاني اختلالات عميقة في شتى الأصعدة، ويعترف بتجدّرها وسط المجتمع الجزائري منذ فترة دون أن يخفي الأبعاد الخطيرة التي أخذتها خلال السنين القليلة الماضية من حيث ضحاياها وفضاءاتها، على غرار ما بات حاصلا بالمؤسسات التعليمية.ويصف المتحدث فترة ثمانينيات القرن الماضي، بالمرحلة التي هيأت الأرضية لما وصل إليه المجتمع الآن “وذلك تزامنا وبداية النزوح الريفي بغرض البحث عن حياة أفضل ومواجهة واقع صعب داخل المدن، إلا أن عدم استيعاب هذه الأخيرة للارتفاع المذهل للنمو الديمغرافي آنذاك، ولّد أزمات اجتماعية صعب الحسم فيها كالسكن والشغل، مما خلق “فضاءات موازية عشوائية” حاصرت المدن بعيدا عن أي تخطيط عقلاني، الأمر الذي نتج عنه “ولادة بؤر مصدّرة للعنف صعب التخلص منها”. ويبقى التسرب المدرسي والرسوب سبب آخر من أسباب الانتشار الفظيع للعنف “خاصة أن الفئة المعنية عادة ما تغادر المؤسسات التربوية نحو الشارع، دون تحصين علمي أو تكوين، مما جعل الفئة بمثابة قنابل موقوتة للانحراف، حسب الدكتور بلعباس، الذي لمح أيضا إلى استقالة الرأي العام عن الدور التربوي، وامتناع المجتمع عن ممارسة القهر الاجتماعي، ناهيك عن استقالة البيت الأسري من تأدية الدور المنوط به المتمثل في التربية. ويبقى انتشار ثقافة اللاعقاب بمثابة التشجيع الرسمي لتنامي العنف وسط الخارجين عن المجتمع إلى درجة بات فيها الفرد متقبل للجريمة وسط توافر كل ظروف التعود عليها، كما لعبت الأزمة السياسية والأمنية دورا رائدا في توليد الشك والحذر وضرب الجانب العاطفي للجيل، الذي ولد إبان العشرية السوداء حين مورست مختلف أساليب العنف الوحشي الجماعي والفردي.  ويبقى العنف من منظور الدكتور بلعباس هواري “جزء من تركيبتنا النفسية الاجتماعية،” فنحن نمتاز عن الكثير من الشعوب وحتى “الجيران” بميولنا إلى العنف اللفظي والبدني إلى درجة تستجيب فيها عضلاتنا وأسلحتنا بسرعة للأمر مقابل تغييب عقولنا وذلك حتى لأتفه الأسباب.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات