"حزب الله".. من "بطل يؤرق إسرائيل" إلى "إرهابي"!

+ -

كان “حزب الله” اللبناني المحسوب على “المقاومة الإسلامية”، سنة 2006 عندما قاتل الاحتلال الصهيوني، فيما كان يعرف بـ”حرب لبنان”، “جُزءا لا يتجزأ من دولة لبنان وطرفا فاعلا في المشهد السياسي داخل البلاد”. هذا الموقف اتفقت عليه غالبية الدول العربية، بل ودعت إلى اللجوء إلى منابر الأمم المتحدة لوقف القتال وردع “الآلة الوحشية الإسرائيلية”، فما الذي تغيّر بعد 10 سنوات وجعل من “حزب الله” “جماعة إرهابية” بإجماع عربي، ماعدا خمس دول منها الجزائر.عندما كان جنوب لبنان مشتعلا عام 2006 بحرب طاحنة بين الجيش الصهيوني وميلشيات تنتمي لـ”حزب الله” اللبناني، وكلا الطرفين يُحصيان قتلى بالعشرات يوميا، لم يشغل بال الجزائريين هذه الحرب، بقدر ما شدّهم موقف الدبلوماسية الجزائرية مما يجري في تلك الأرض، خصوصا وأن العدو هو “الكيان الصهيوني”، فقد وضع الجزائريون وشعوب عربية كثيرة “حزب الله” في خانة “البطل المغوار” مادام أنه يخوض حربا ضدّ جيش الاحتلال.وبالفعل، طيلة 34 يوما من حرب شعواء التزمت الجزائر الصمت وموقفها “الثابت”، حسب لغتها الدبلوماسية، فلم يصدر لا بيان ولا تصريح ولا “تلميح”، إلى أن جاء “الوحي” مع اقتراب الحرب من نهايتها، فخرج وزير الخارجية آنذاك، محمد بجاوي، قائلا: “الجزائر ترفض التدخل في الشؤون الداخلية للدول”. وبعدها ذاب موقف الجزائر داخل الأمانة العامة لاتحاد المغرب العربي، التي “استنكرت العدوان الإسرائيلي على لبنان”، ودعت “المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤوليته كاملة أمام الوضع الإنساني في الأراضي الفلسطينية”.وجاء إجماع دولي حتى من طرف كبرى دول العالم، أبرزها الولايات المتحدة وفرنسا، في ذلك الوقت على أن “إسرائيل” تلقت ضربة موجعة وفقا لـ”اللغة العسكرية” من طرف “حزب الله” اللبناني. فقد تسرّب، سنتين بعد الحرب، تقرير لجهاز الاستخبارات الفرنسية، انتشر على نطاق واسع في وسائل الإعلام الفرنسية، ونقرأ في محتواه هذا الجزء مثلا: “خسائر إسرائيل الحقيقية هي أقرب إلى الخيال، إذا ما قورنت بما صرحت عنه الحكومة الإسرائيلية رسميا، فخسائرها من العسكريين بلغت 2300 جندي، وليس 119 فقط، منهم 600 توفوا في المستشفيات نتيجة إصاباتهم البليغة”.ونقل التقرير الفرنسي “السرّي”، شهادات عن قادة حرب إسرائيليين، نجد وسطها اعترافا للقائد السابق لسلاح الجو الإسرائيلي الجنرال “إلياهو بن نون”، ذكر فيه بأن “جيش الاحتلال خسر حرب لبنان الثانية، وأنه إذا لم يستخلص العبر والنتائج من هذا الفشل فانه حتما سيخسر المواجهة العسكرية القادمة التي سيخوضها”. وبل وجرى تبادل اتهامات بين القادة الإسرائيليين، فقد اتهم “بن نون” رئيس هيئة الأركان العامة السابق في الجيش الجنرال “دان حالوتس”، قائلا في حقه: “عمل خلال الحرب لوحده دون أن يتمكن من تشكيل طاقم أمين وصادق إلى جانبه، وبالتالي فإنه لم يكن يعلم العديد من الأمور التي تجري على أرض المعركة”.وقد كانت حرب لبنان “تاريخا مفصليا” تغيّرت بموجبها خريطة الشرق الأوسط، وتغيّر معها أيضا منطق استبدال “الحلفاء والأعداء”. ومع انتهاء حرب لبنان، شرع الكثير من القادة اللبنانيين أيضا في توثيق شهاداتهم العسكرية عن الحرب، فظهر العميد الركن (تعادلها رتبة لواء في الجزائر) أحمد محمد حطيط، قائد كلية القيادة والأركان بالجيش اللبناني سابقا، وقد كتب “تقويما شاملا” لحرب لبنان التي خاضها “حزب الله” وتبرأت منها الحكومة اللبنانية، عقب إعلانها عن عدم مسؤوليتها عن اختطاف الدبلوماسيين الإسرائيليين.لكن “حزب الله” وزعيمه نصر الله، لم يكن بطلا مغوارا، في حرب إسرائيل على غزة والتي أبيد فيها أكثر من 1200 من الغزاويين، ولم تتعد خطابات نصر الله، عتبة التنديد، بينما تساءل جزائريون: لماذا لم يتدخل نصر الله لنصرة الفلسطينيين؟وللتذكير، بدأ “حزب الله” يخوض حروبا مفتوحة مع الكيان الصهيوني في جنوب لبنان منذ 1982، فانطلق الصراع كمحاولة من إسرائيل لطرد قوات التحرير الفلسطينية من لبنان، وانتهت بانسحاب الجيش الإسرائيلي وانهيار جيش لبنان الجنوبي الحليف له. وبدأت المقاومة من قبل القوات الوطنية اللبنانية مثل الحزب الشيوعي وحركة أمل، إلا أن نهايات الثمانينات أظهرت المقاومة الإسلامية المتمثلة بـ”حزب الله” وجودا فاعلا وقويا بعد قيامه بـ”عمليات فعالة وموجعة ضد الجيش الإسرائيلي”.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: