+ -

عادت الحكومة في زمن الشح والتقشف لتستجدي جيوب مواطنين أنهكتهم سنوات سوء التسيير، لتتفادى خيار الاستدانة الخارجية وتدعم تمويل مؤسسات لإنجاز مشاريعها واستثماراتها، في ظل محدودية أداء البنوك وتحقيق نتائج محتشمة لمشروع الالتزام الجبائي لاستقطاب جزء من السيولة والرساميل المتداولة خارج دائرة البنوك، حيث حثت الشركات الكبرى على اللجوء إلى إصدار قروض سندية لضمان تمويل استثماراتها تفاديا للاستدانة الداخلية والخارجية.الحكومة تلعب في الوقت بدل الضائع دور رجل المطافئنسبة الفائدة المقترحة بـ5 في المائة قريبة من التضخم جاء إعلان الوزير الأول عبد المالك سلال، نهاية الأسبوع الماضي، على هامش افتتاح الدورة الربيعية للبرلمان، إطلاق القرض السندي في أفريل المقبل ضمن “جملة من الإجراءات الاقتصادية الجديدة لمواجهة التحديات الاقتصادية التي تواجه الجزائر إثر انهيار أسعار النفط، ليكشف عن غياب رؤية استراتيجية للنظام الاقتصادي المعتمد في الجزائر، لحكومة تلعب في الوقت بدل الضائع دور رجل المطافئ.فالإجراءات المعتمدة في الواقع ليست جديدة، حيث سبق للجزائر أن اعتمدت على إطلاق قروض سندية من قبل عدة شركات ما بين 2007 و2008، منها سوناطراك وسونلغاز واتصالات الجزائر والخطوط الجوية الجزائرية عن القطاع العمومي ومجموعة دحلي عن القطاع الخاص، لتمويل جزء من مشاريعها في ظرف عرفت الجزائر تراجعا ظرفيا لأسعار النفط وفي ظرف دولي اتسم بتبعات أزمة الرهون العقارية الأمريكية والأزمة المالية والاقتصادية. وعليه، فإن الإجراء في حد ذاته ليس جديدا، وإن جاء في ظرف أعقد، من خلال شح الموارد المالية ومحاولة الحكومة تأخير أجل العودة إلى الاستدانة الخارجية، وإن تم ذلك بطريقة متدرجة، تجلت في دفع المؤسسات إلى الاستدانة لتجسيد بعض المشاريع الهيكلية مثل مطار الجزائر الدولي، واعتماد صيغ تمويل المشاريع “بروجكت فاينانسينغ” في مشروع إقامة الميناء الجديد للجزائر العاصمة .ويطرح القرض السندي الذي اعتمد من قبل السلطات العمومية عدة نقاط ظل، فقد تزامن والكشف عن حصيلة متواضعة لمشروع الالتزام الجبائي الذي حاولت الحكومة من خلاله استقطاب جزء من السيولة التي ظلت خارج الدائرة الرسمية وخارج البنوك، وهو إجراء أقرب إلى الإعفاء الجبائي بفرض رسم أو ضريبة على الأموال بـ7 في المائة، لكن النتائج التي كشفت عنها المديرية العامة للضرائب بقيت متواضعة بـ250 حالة فحسب.فضلا عن ذلك، تتجه عملية إطلاق القرض السندي إلى الجمهور من المكتتبين، إلا أن الوضع الحالي لا يشجع على القيام بالادخار والتوفير عبر مثل هذه الآلية، لاسيما في ظل تآكل القدرة الشرائية لشريحة كبيرة من الأسر، فضلا عن كون نسبة الفائدة التي يعترض عليها الكثير من باب “الربا”، يعتبرها البعض الآخر غير قابلة للاهتمام الكبير، لاقترابها من نسبة التضخم الرسمية المعلن عنها، حيث قدرت بـ4.8 في المائة في 2015، ويرتقب أن ترتفع هذه السنة مقابل نسبة فائدة تقدر بـ5 في المائة، ولا تعتبر هذه النسبة جذابة لحملة السندات الصغار لقلة مردوديتها.أما الفئة الثانية، فتتمثل في رجال الأعمال وأرباب العمل الذين سيتم تجنيدهم بلا ريب من قبل السلطات العمومية، إلا أن ذلك لن يغير من واقع المعادلة، بل إن الحكومة تلجأ من خلال مثل هذه التدابير إلى حلول ظرفية للتخفيف من الأعباء وضمان هوامش تضمن لها تسيير المدى القصير، بعد أن بدأت في رفع يديها تدريجيا عن الدعم ورفع الأسعار تدريجيا تفاديا للصدمات الاجتماعية.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: