"لا أتوقع إقبالا كبيرا على القروض السندية"

38serv

+ -

اعتبر دكتور الاقتصاد في جامعة الجزائر، عبد الرحمن عية، أن عملية إطلاق القروض السندية محاولة من قبل الحكومة للتخفيف من الأعباء التي تقع على عاتقها، إدراكا منها بصعوبة تغطية العجز عن طريق صندوق ضبط الموارد، مشيرا إلى أنه لا يتوقع إقبالا في ظل الظروف السائدة للمواطنين على مثل هذه الآليات.ما هي خلفية ودوافع اللجوء إلى القروض السندية؟ اليوم وبعدما أدركت الحكومة أن صندوق ضبط الإيرادات لن يكفي لتغطية العجز الكبير المتوقع في الميزانية والمقدر بـ3500 مليار دينار، حيث يمكن للأموال المجمعة في هذا الصندوق وبالنظر إلى متوسط سعر البرميل المقدر بـ35 دولارا أن تنتهي في بداية سبتمبر 2016، فإن الحكومة تلجأ إلى حلول أخرى للتمويل، على غرار إقراض بنك الجزائر للخزينة حسب المادة 46 من قانون النقد والقرض، علما أنه لابد ألا يتجاوز 10 بالمائة. كما تريد كذلك بالمقابل أن تنفخ الروح في الجسد الميت لبورصة الجزائر، من خلال إطلاقها للقرض السندي (وليس القرض المستندي، لأن هذا الأخير مرتبط بالمعاملات الخارجية) مقابل الحق في الحصول على فائدة سنوية تحسب على أساس فائدة يحددها مالك المؤسسات الراغبة في بيع سندات، فمثلا الحكومة الجزائرية تملك مؤسسة سونلغاز، وقد حددت فائدة السند بـ5 بالمائة، علما أن شركة سونلغاز رأسمالها أصلا قرض سندي مالكه الوحيد الدولة بنسبة 100، مثل البنوك العمومية التي تمتلك الدولة أسهمها 100 بالمائة، وهو ما لا يفهم من الناحية الاقتصادية.وحتى وإن كانت الحكومة تتجنب بيع الأسهم حتى لا تفقد اتخاذ القرار، إلا أنه في اعتقادي لن يكون هنالك إقبال كبير من قبل الجمهور (باستثناء البنوك العمومية التي قد تجبرها الحكومة وبتالي يفقد تمويل البورصة معناه).ما هو الدور المأمول للبورصة حاليا؟ تعتبر البورصة أو السوق المالي المكان الطبيعي لتمويل المشاريع الاقتصادية، حيث يلتقي عارض المال المتمثل في المؤسسات الاستثمارية التي تجمع مدخرات الجمهور (الأسر، المؤسسات الاقتصادية وخاصة المؤسسات المالية غير المصرفية على غرار شركات التأمين، وصناديق الضمان الاجتماعي) بطالب المال على غرار المؤسسات الاقتصادية الحكومية بما فيها الخزينة العمومية وكذا المؤسسات الخاصة. وشهدت أسواق المال تطورا كبيرا خلال تسعينات القرن الماضي، حيث تزامن ذلك مع ازدهار التداول في الأسواق الناشئة خاصة في دول الخليج والأسواق الآسيوية التي استقطبت رؤوس أموال الاقتصاديات المتقدمة.عمليات القروض السندية ليست بالجديدة وتم اللجوء إليها، فماذا ستضيف الآن؟ الجزائر وبعد أزمة انهيار أسعار البترول سنة 1986 هيأت الظروف القانونية لإنشاء بورصة الجزائر من أهمها القانون رقم 88-06 المتعلِّق بنظام البنوك والقرض، حيث تأسست “المؤسّسات المالية التي لا تكتسي الطابع المصرفي” ضمن النظام المالي، حيث تقتصر مهمتها على قبول المساهمة في شكل أسهم أو سندات. وبدأت العمليات الأولى بطرح شركات سوناطراك ورياض سطيف وصيدال أسهما للاكتتاب وسندات من سونلغاز خلال الفترة 1998-2000. وقد بلغ عدد الشركات ثمانية سنة 2008، غير أنها تراجعت إلى 4 بسبب انعدام دينامكية في التداولات واقتصارها على تداولات شكلية، وعدم الاهتمام بالتكوين الميداني للمتدخلين ووسطاء العمليات المالية، والثقل الكبير جدا والبيروقراطية بالنسبة لملفات الدخول إلى البورصة وغير المفهوم أحيانا على غرار 5 نسخ من السجل التجاري وتطبيق قوانين للدخول تتنافى تماما مع خصوصية الاقتصاد الجزائري على غرار إجبار الراغبين في التدخل على نشر البيانات المالية، وهو ما يعتبره الأعوان الاقتصاديون الجزائريون خطا أحمر، والغموض الكبير لنظام المحاسبي المطبق خاصة بعد اعتماد النظام المحاسبي الجديد، وكذا عدم إدراج الصكوك الإسلامية ضمن الأوراق المالية المتداولة، ما قد يمكن من استقطاب حجم كبير من المدخرات، فضلا عن انعدام ثقافة استثمار المدخرات وعدم الإعلان والتشهير لها حتى بالنسبة للعاملين في البورصة، الذين يعتقدون أنهم موظفون عاديون فقط، إلى جانب انعدام التقييم الحقيقي والواقعي لنشاط البورصة. وأخيرا، أكبر مشكل يكمن في التدفق المالي الكبير من قطاع المحروقات الذي دفع بالحكومة خلال فترة البحبوحة إلى إهمال آلية التمويل في البورصة، وهي استفاقت متأخرة لتدارك الموقف بعد شح الموارد المالية.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: