+ -

لم يكن تمثال العربي بن مهيدي آخر إهانة في حق شهداء الثورة التحريرية ورواد الحركة الوطنية، إذ سبق أن أزالت السلطات تمثال الأمير عبد القادر وسط العاصمة ووضعت آخر، ثم جاء دور بن مهيدي الذي أهين في مسقط رأسه بتمثال لا يشبهه، كما أهين العلامة عبد الحميد بن باديس بتمثال لا يشبهه في شيء، بمناسبة تظاهرة “قسنطينة عاصمة الثقافة العربية”، قبلإزاحته بعد نضال كبير من عائلة الشيخ، ولم يحاسب أحد على هذا الأمر، والنتيجة إهانة لذاكرة شعب بأسره.الأمير عبد القادر، ابن باديس وبن مهيدي ضحاياهاإهانـــــــــة رمـــــــــوز الثــــــــورة بتماثيـــــــــل مشوهـــــــــة!المادة 42 من قانون المجاهد والشهيد تعاقب أي مساس برموز الثورةأعادت قضية تشويه التمثال الذي يمثل النصب التذكاري للشهيد العربي بن مهيدي في أم البواقي، إلى الأذهان تلك الفضيحة التي عاشتها الجزائر في السبعينات، عندما تم وضع تمثال للأمير عبد القادر وسط شارع العربي بن مهيدي، أطلق عليه العاصميون آنذاك اسم “بونوس”، إلى أن أمر الرئيس السابق الشادلي بن جديد بإزالته وتعويضه بالتمثال الحالي الذي يصور الأمير فوق فرسه. مثل هذه الأخطاء تكررت أكثر من مرة، دون أن يعاب على المسؤولين المحليين المتسببين في مثل هذه الفضائح والتجاوزات، فعوض أن يلجأوا إلى الاستعانة بنحاتين جزائريين، فإنهم غالبا ما يجلبونهم من الخارج، وهم بعيدون تماما عن التصور الحقيقي لهؤلاء الرموز، مثلما حدث مع تمثال عبد الحميد بن باديس بمناسبة تظاهرة قسنطينة عاصمة الثقافة العربية، قبل أن يأمر الوالي بإزالته بعد احتجاج عائلته على التمثال الذي لم يكن يشبه بتاتا العلامة. وعلم بعد ذلك أن نحاتا إيطاليا هو من قام بتجسيد تمثال ابن باديس. وقد صرح بعد ذلك هذا النحات أن من طلب منه إنجاز التمثال لم يوضح له من يكون هذا الشخص، بل اكتفى بنقل صورة تمثل “الشيخ” المرتبط في عقول الأوروبيين بالمفتي أو الشخص المتدين.وسبق أيضا تعرض الجدارية المثبتة في الجزء العلوي لقاعدة النصب التذكاري المخلد للقائد التاريخي لثورة التحرير، الشهيد مصطفى بن بولعيد، لسقوط الأحرف التي كتبت بسبب الأمطار، مشوهة الغرض الذي أنشئت من أجله، ما أثار عدة تساؤلات عن نوعية الأشغال التي أنجزت بها جراء عدم صمودها أمام قطرات المطر.قانون المجاهد والشهيد يقر بحماية مآثر الثورةويقر القانون 91/16 المتعلق بالمجاهد والشهيد بضرورة حماية مآثر ورموز الحرب التحريرية، إذ تقر المادة 39 بأنه يعد من مآثر الحرب التحريرية طبقا للتشريعات المعمول بها، كل ما له علاقة بحرب التحرير الوطني كمواقع التجمعات والمعارك والبنايات والمخابئ والكهوف والمغارات والمستشفيات الثابتة والاصطناعية والأنقاض والسجون والمعتقلات والمحتشدات وأماكن القتل الجماعي وأماكن الحراسة، وبصفة عامة كل ما له صلة مباشرة بحرب التحرير الوطني.في حين تشير المادة 40 من ذات القانون صراحة إلى ضرورة حماية رموز الحرب التحريرية، وهنا تشير المادة إلى حماية النصب التذكارية مثل التماثيل المخلدة لشهداء الثورة، إضافة إلى ضرورة حماية العلم الوطني والنشيد الوطني ومقابر الشهداء ومتاحف الجهاد والمعالم التاريخية واللوحات والساحات والأماكن التي توجد بها نصب تذكارية، وبصفة عامة كل ما يرمز إلى حرب التحرير الوطني.وتعمل الدولة على حماية وتصنيف مآثر الحرب التحريرية ورموزها والحفاظ عليها من كل تشويه أو تخريب أو إتلاف، وتسهر على صيانتها من خلال ما تقره المادة 41 من ذات القانون.بماذا يعاقب القانون ؟بإمكان عائلة العربي بن مهيدي أو رموز تاريخية أخرى أو منظمة المجاهدين وذوي الحقوق أن يقدموا شكاوى إلى العدالة، بحسب ما تؤكده الأستاذة المحامية جلواح شاهيناز، وفق مواد قانون المجاهد والشهيد، مثلما تقره المادة 42 منه، إذ تشير صراحة إلى معاقبة كل من يمس بمآثر الحرب التحريرية ورموزها طبقا للتشريع المعمول به، لاسيما قانون العقوبات، أو بالرجوع إلى قانون الإجراءات الجزائية الذي يحدد جملة من القوانين التي تعاقب كل مساس بهذه الرموز. وهنا تستشهد المحامية بقضية أخرى سبق أن شهدتها الجزائر في 2007، عندما تم حذف مقطع من النشيد الوطني “قسما” في المقرر الدراسي وفي الكتب المدرسية، خصوصا البيت الشعري الذي يشير إلى “فرنسا”.. “يا فرنسا قد مضى وقت العتاب..”، حيث أدين فيها مسؤولون بديوان المطبوعات المدرسية المكلف بإعداد الكتب المدرسية، بحسب محدثنا، بأحكام متفاوتة.   

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: