"إطاراتنا يجرّمون ويزج بهم في السجن دون وجه حق"

+ -

على مدى عقود وأنت تطالب برفع التجريم عن الإطارات، ماذا تحقق؟ منذ سنوات عديدة وأنا أرافع لصالح رفع التجريم عن فعل التسيير الاقتصادي، باعتباره مشكلة أساسية سببت الكثير من المآسي للإطارات الجزائرية. ولا أنكر أن هذا الملف شغلني طيلة سنوات مساري المهني على امتداد 30 سنة الأخيرة. ومن خلال موقعي هذا، لا أدعي شيئا إن قلت لكم إن في هذا الإجراء ظلما كبيرا لحق بالعشرات من الإطارات، وبسببه قضوا سنوات في الحبس الاحتياطي دون وجه حق. ورغم سنوات من العمل الدؤوب لتغيير هذا الوضع غير المقبول، إلا أن هناك من يحاول تأزيمه بالالتفاف على قرارات اتخذت في أعلى هرم السلطة.تقصد قرار الرئيس بوتفليقة برفع التجريم عن فعل التسيير؟ بالضبط. في 2011 رئيس الجمهورية اتخذ القرار بذلك. اليوم نحن في 2016 أي بعد أربع سنوات، لا نرى ولا نلمس ولا نسمع أي شيء بهذا الخصوص. نريد أن نعرف متى ينفذ هذا القرار. هناك أناس أبرياء يدفعون سنوات من أعمارهم في غياهب السجن ظلما.الكثير من الناس لا يعلمون مضمون ما تطالب به في هذا الشأن، البعض يقول إن المتابعين قضائيا من الإطارات ارتكبوا جرائم فساد؟ أنا لا أتحدث عن الأشخاص الذين ضبطوا برشوى أو قاموا بإرشاء غيرهم، ولا عن مختلسي المال العام، أو نصبوا على غيرهم. حديثي يخص إطارات اقتصادية. مكافحة الفساد التي يتحدث عنها الكثير من المسؤولين ليست عملية مناسباتية، هي عمل يومي يشارك فيه الجميع. ثم نحن لا نعيد اكتشاف الفحم عندما نطالب السلطة بتطبيق القوانين السارية في العالم بأسره، نحن لا نقدم أو نؤخر شيئا إن فعلنا ذلك، هناك قوانين مطبقة في الكثير من الدول بخصوص التسيير الاقتصادي، نطبقها وننتهي من الأمر.كيف يكون التوقيع على عقود صفقات تبديدا للمال العام، وهو من صميم صلاحيات ومهام المعني به في المؤسسات الاقتصادية! هناك للأسف خلط بين السارق أو المختلس والإطار المتابع بجريمة تسيير. كفى ظلما للإطارات، هناك من يقضي ثلاث أو أربع سنوات في الحبس الاحتياطي بدون وجه حق، على سبيل المثال قضية الرئيس المدير العام لشركة “لاكنان”. هذه الممارسات غير معقولة، وبلادنا تدفع الثمن يوميا بسبب هذه الممارسات التي تؤدي إلى معاناة العشرات من إطاراتنا،تارة باسم الأيدي البيضاء وتارة أخرى باسم القضاء على الفاسدين، دون نسيان ما حصل لآلاف الإطارات في 2004، من يقف وراء هذه الحملات؟ بكل أسف، الدولة أو النظام هو الذي يقف وراء هذه الممارسات. في بداية الثمانينات عشنا حملة نفذها النظام لإبعاد كل من تشتم فيه رائحة الانتماء لمحيط أو جماعة بومدين، وظلم فيها الكثير. ثم في التسعينات، خرجوا علينا بحملة الأيادي البيضاء التي شملت كوسيدار وسيدار، في إطار الصراع حول خوصصة المؤسسات العمومية، وقد دفع العشرات بل المئات ثمنا باهظا. مثلما ذكرت في سؤالك، في 2004، قطعت أرزاق المئات من الإطارات بسبب شبهة ولائهم لعلي بن فليس، فوجدوا أنفسهم خارج مؤسساتهم ومناصبهم بقرارات غير مبررة. أنا أقول بصوت عال: (بركات) لقد أسأتم كثيرا لهذا الشعب بمثل هذه الأفعال، عليكم العودة إلى الرشد، وطبقوا القوانين المتعارف عليها دوليا، لا نطلب منكم إحضار لبن العصفور، أوقفوا تجريم الفعل التسييري الاقتصادي.كيف السبيل لرد الاعتبار لهؤلاء الإطارات؟ لا يوجد إلا طريق واحد وهو رد الاعتبار لجميع الإطارات سواء المستفيدين من البراءة أو أولئك المحكوم عليهم في إطار تجريم فعل التسيير الاقتصادي، ثم نعتذر لهم على ما عانوه من ظلم نتيجة أخطاء القضاء، لأن العدالة مبنية على الخطأ ويوجد أناس يذهبون ضحية لخطأ يرتكبه القاضي، وإلا لما وجد الاستئناف بالمجلس والمحكمة العليا.. هناك أشخاص حكم عليهم بالسجن مدة 10 سنوات وتمت تبرئتهم على مستوى المجلس.هناك من يتكلم عن عفو عن شكيب خليل، ما رأيك؟ شكيب خليل في نظر القانون الجزائري شخص بريء لا يحتاج لأي إجراء ما دام لم يحل على العدالة أو محكمة. لذا لا نحتاج ليطلع علينا فلان أو علان ليقول لنا ما يجب عمله. كيف نطالب بتطبيق إجراء على شخص غير متابع قضائيا وغير محكوم عليه! علينا الالتفات إلى من هم غارقون في الحبس الاحتياطي لسنوات.. نحن أمام كارثة وطنية. في قضية سوناطراك 1 على سبيل المثال، برأت محكمة الجنايات بالعاصمة، أحد المتهمين، وهو نائب الرئيس المدير العام، بعد 6 سنوات وشهرين من الحبس الاحتياطي، حسب رأيي هذه شجاعة كبيرة، أحيي هيئة المحكمة عليها.. من يرد له الاعتبار، ومن يرجع له السنوات التي قضاها في الزنزانة وهو بريء؟ في أغلبية الأحيان كان مثل هذا البريء يخرجون من السجن بحكم باطل يساوي مدة البقاء في الحبس الاحتياطي. لذا أرفع عبارات الشكر إلى هيئة المحكمة على شجاعتها وحكمها.هل تتوقعون “صحوة ضمير” من جانب السلطة لتصحيح هذه الأخطاء؟ قلت إن النظام الذي لم يتغير طيلة الفترة الماضية، لا يزال يتخبط، وعليه أن يدرك أن بقاء الحال على حاله غير مقبول. يجب تغيير الأوضاع.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: