+ -

 حذر خبراء اقتصاديون الحكومة من الرضوخ لضغوط صندوق النقد الدولي “الأفامي”، وتبني نموذج اقتصادي يفتح الباب أمام الطاقات الوطنية والاعتماد على القطاعات الاستراتيجية (كالزراعة) لانتشال الاقتصاد الوطني من التبعية والارتهان للهيئات المالية الدولية وأطماع الدول العظمى.في اتصال معه، لا يخفي الخبير الاقتصادي، فارس مسدور، قلقه من تدخلات الأفامي في الشؤون الاقتصادية الوطنية، مشيرا إلى أن مهمة وفد خبرائه الأخيرة برئاسة فرانسوا دوفان، جاءت في سياق مغازلة السلطات برسالة مشفرة لها علاقة مباشرة بمواقفها الدبلوماسية من قضايا دولية حساسة، خلافا لما تم إعلانه في شكل “نصيحة” للاستدانة الخارجية.وأضاف مسدور: “أتعجب كيف طالب موفد الأفامي من حكومة بلد الاستدانة الخارجية وهو يملك احتياطيا بالعملة الصعبة بـ140 مليار دولار، ولديه إمكانيات مالية داخلية تجعل منه، إذا ما توفرت الإرادة السياسية، جنة فوق الأرض”، موضحا أنه “باستطاعة الحكومة، إن أرادت، جمع 200 مليار دينار تضيع سنويا في شكل تهرب وغش ضريبي”، وحث هذه الفئة بعفو جبائي جزئي يسمح لها باسترداد سيولة.ذات الخبير الاقتصادي يتحدث عن 3700 مليار دينار متداولة في السوق الموازي، أي خارج الإطار البنكي، وذلك بعلم الحكومة، فضلا عن أن 50 بالمائة من الكتلة النقدية موجودة في جيوب المتعاملين في السوق الموازي، متسائلا عن مدى نجاعة الضريبة الجزافية التي اقترحتها الحكومة بداية العام لاستمالة أصحاب الأموال المكتنزة مقابل تسديد 7 بالمائة ومن دون مساءلة، متحديا: كيف يدفع تاجر أو رجل أعمال يدير مليارا في السوق الموازي، مبلغ 70 مليارا للخزينة في شكل ضريبة جزافية !من جهة ثانية، يرى فارس مسدور أن طرح الحكومة لسندات حكومية بمعدل فائدة 5 بالمائة، سيؤدي بالجزائريين للعزوف عن الانخراط في هذه الحملة التي تهدف لجمع السيولة النقدية من الجمهور والشركات، مقابل فائدة تدفعها الخزينة العمومية وقت ما شاء حاملها. ومن الحلول التي يقترحها، تطبيق قانون النقد والقرض فيما يتعلق بمكاتب الصرافة (تبديل العملة)، مشيرا في هذا الصدد إلى أرقام وصفها بالمخيفة تخص أصحاب الثروات بالعملة الصعبة، حيث يقدر محدثنا قيمتها بـ 12 مليار دولار !وبرأي هذا الخبير، فإن السماح بإنشاء مكاتب الصرف كفيل باسترجاع هذه الأموال إلى الإطار البنكي والمالي القانوني.بدوره، نبه عبد القادر سماري، رئيس النادي الاقتصادي الجزائري، إلى عواقب الانصياع لضغوط صندوق النقد الدولي، موضحا في هذا الإطار بأنه مؤسسة لا تخدم الشعوب الضعيفة، بل تعمل لحساب مصالح الدول العظمى، ولنا معه تجربة مريرة عشناها في التسعينات، عندما جاء وضغط على السلطات من أجل غلق مصانع النسيج التي كانت قطاعا حيويا. إن كل الحروب الدائرة في العالم اليوم وتحديدا في منطقتنا العربية أسبابها اقتصادية، وعلى هذا الأساس فإنه يربط بين زيارة وفد الأفامي وما يجري في الساحة الدولية. وبرأي سماري، مهما كان مستوى احتياطي العملة الصعبة 140 مليار دولار، فإن طبيعة اقتصادنا حاليا لا تسمح لنا باعتباره صلبا، لكونه يرتكز على المنتوج الوحيد وهو المحروقات التي لا نتحكم في إنتاجها مثل الوقود الذي نستورده بما لا يقل عن 5 ملايير دولار سنويا.. وتابع: مثل اقتصادنا يطلق عليه اسم “الاقتصاد البائس”، لأنه مبني على ريوع المحروقات فقط.وبرأي وزير المؤسسات الصغيرة والمتوسطة السابق، فإنه يتوجب على السلطات فتح نقاش وطني من دون خلفيات سياسية للتكلم عن الاقتصاد فقط، يخرج بخريطة نموذج اقتصادي يخرج البلاد من الأزمة.وحول الحلول التي يقترحها للتخفيف من حدة الأزمة، يشير سماري إلى التفكير بشكل جدي لاتخاذ قرار شجاع لإطلاق المعاملات المالية غير الربوية، وفتح الطريق أمام تطوير ما يعرف عند الاقتصاديين بـ”الاقتصاد الثالث”، المتمثل في مؤسسات الوقف، وهي عبارة عن كتلة نقدية ضخمة، لكنها مجمدة وتفعيلها سيكون بمثابة الملاذ والمخرج مما نعاني منه، علاوة على إصدار الصكوك الإسلامية التي نجحت في الاستفادة منها دول غربية عدة وفي مقدمتها بريطانيا.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: