"نتائج الانتخابات أثبتت أن النظام الإيراني يحترم صوت الشعب"

+ -

ما هي العلاقة القائمة بين الحرس الثوري والباسيج وفيلق القدس، وما وظيفتها ووزنها؟ مؤسسة الحرس الثوري تطورت في إيران منذ انتصار الثورة الإيرانية هناك عام 1979، تشكلت نواة الحرس الثوري في الحرب العراقية الإيرانية التي بدأت عام 1980، كان الحرس الثوري في البداية ميليشيا شعبية جماهرية، ربما في التشكيلة الأولى كانت مبادرات نخب ثورية هي التي شكلته، بعدها تطورت بتطور أعمالها والمهام التي أسندت إلى هذه المجموعة الصغيرة التي تشكلت في جبهات القتال دفاعا عن إيران مقابل الاعتداء الذي شنه آنذاك نظام صدام حسين. كان هناك في بداية الأمر وزارة للحرس الثوري بعد انتهاء الحرب الإيرانية العراقية استبدلت بوزارة الدفاع، وتبعت القيادة العامة للقوات المسلحة، والآن قوات الحرس الثوري موجودة في الداخل وتعمل في إطار وزارة الدفاع الإيرانية والقيادة العامة للقوات المسلحة.الحرس الثوري له كيان عسكري خاص به يختلف عن قيادة الجيش الإيراني، بعض المهام موكولة له، مثلا هو يمتلك الآن قوة بحرية وصاروخية وجوية وبرية، فمهامه تتعزز ولكن المسؤوليات العسكرية موزعة بينه وبين الجيش الإيراني، فالقوة البحرية الإيرانية مثلا مقسمة إلى قسمين بينهما: الحرس الثوري يدافع عن المناطق من شمال الخليج إلى بحر عمان، وما بعده بيد القوة البحرية التابعة للجيش الإيراني، القوات البرية نفس الشيء، أما القوة الصاروخية فهي بيد الحرس الثوري، والقوة الجوية بيد الجيش الإيراني، إذاً هناك تقسيم للأدوار.مؤسسة التعبئة الشعبية الإيرانية المسماة باللغة الفارسية “الباسيج”، هي مؤسسة شعبية 100%، وليست قوات بالمعنى الكامل، هدفها المحافظة على أمن المدن من أي اعتداءات خارجية، وهذه المنظمة شعبية المتطوعون فيها من كافة الشرائح من نساء ورجال من مختلف المستويات، فهناك وزير وعامل وطالب وكاتب وتاجر من مختلف الأعمال من مختلف المستويات الثقافية والاجتماعية، مهمة الباسيج الحفاظ على الداخل الإيراني أي المدن، بينما قيادة التعبئة الشعبية تنتمي إلى قوات الحرس الثوري الذي يقود هذه المجاميع، ويصل عدد المجاميع من المتطوعين إلى أكثر من 10 ملايين عنصر، وقد قال الإمام الراحل الخميني إنه يجب أن يكون لدى إيران 20 مليون من المتطوعين في مؤسسة التعبئة الشعبية الباسيج. فمهمة الأخير تختلف عن مهمة الحرس الثوري الذي تناط به مهمة حماية الحدود الإيرانية.أما فيلق القدس فهو فيلق استخباراتي تابع للحرس الثوري، ويعمل على المهمة التي توكل إليه وهي الدفاع عن مصالح إيران الخارجية، فمنذ أكثر من 10 سنوات أخذ فيلق القدس على عاتقه إنشاء أو دعم ما يعرف بجبهة المقاومة ضد إسرائيل، وبالتالي هو استطاع أن يرسخ الأحزاب السياسية في الدول العربية التي لديها منهج في مقاومة إسرائيل، مثل حزب الله في لبنان، وحركة الجهاد الإسلامي وحماس في غزة، ومنظمات سياسية في لبنان والعراق، وفي أي مكان هناك منظمة أو حزب سياسي أو مجموعة أو دولة تريد مواجهة إسرائيل وتعبئ طاقاتها لذلك، ففيلق القدس يأخذ على عاتقه مهمة دعم هذه المجموعات، والقيادة الإيرانية قالت بشكل واضح إنها مستعدة لدعم أي جهة أو حزب أو مجموعة بالسلاح والمال، وهكذا قالها قائد الثورة الإسلامية آية الله علي خامنئي بأن إيران مستعدة لدعم هذه الجهات إذا ما أرادت أن تواجه إسرائيل، ويبدو أن إيران لن تخفي هذا الأمر لمن يريد أن يواجه إسرائيل. هذه الأطر، الحرس الثوري والباسيج وفيلق القدس، كل واحد منها يملك وظيفة معينة وواجبا معينا، وهناك تنسيق كامل بين هذه المجموعات.ما هو دور الجيش في السياسة الخارجية الإيرانية؟ المؤسسة العسكرية بشكل عام بعيدة عن التدخل في السياسة الإيرانية سواء الداخلية أو الخارجية، لا يمتلك الجيش دورا في السياسة الخارجية الإيرانية، هو ينفذ السياسات التي تضعها القيادة العامة للقوات المسلحة الإيرانية، ونحن نعلم بأن القائد العام لهذه الأخيرة هو المرشد الإيراني الأعلى آية الله خامنئي، فهو ينفذ ما ترسمه السياسة الإيرانية، بالتأكيد هذه الأخيرة متأثرة من مراكز القرار، والقرار الذي يتخذ سواء إن كان في مجلس الأمن القومي الأعلى أو وزارة الخارجية، وربما يعطي الجيش أو المؤسسة العسكرية تصوراتها باعتبار أنه عضو في مجلس الأمن القومي الإيراني، وعندما يتخذ القرار يشارك في صياغته، لكنه لا يتدخل في القضايا التفصيلية للسياسة الخارجية الإيرانية، وهناك فصل بين الدور العسكري والدور السياسي الذي هو دور وزارة الخارجية، لكن في المستويات العليا هناك تنسيق كامل سواء من رئيس الوزراء أو مجلس الأمن القومي، الجيش يساهم في كلا المؤسستين من أجل إنضاج أي قرار سياسي يخص إيران، سواء في الداخل أو في الخارج.هل تراجع دور وثقل رجال الدين مقارنة بالسابق حين كان دورهم هاما في قم ومشهد وتجلى ذلك في تركيبة مجلس الخبراء؟ وهل إيران مقبلة على عهد جديد بعيدا عما كان يسمى بحكم الملالي؟ حقيقة حصل هناك كثير من اللغط حول انتخابات مجلس خبراء القيادة الأخير الذي جرى في إيران، فهو له إطار معين في الدستور، ينحصر عمله في انتخاب المرشد في حال غيابه من المنصب، وأيضا مراقبته إذا كان يفتقد للحالة الصحية التي تمنعه من مزاولة عمله، وعندما يرى بأن المرشد لا يستطيع أن يقوم بأعماله بشكل جيد بسبب وضع صحي معين أو أي وضع آخر، يقرر استبدال المرشد الأعلى أو إبقاءه أو انتخاب بديل له إذا غاب عن المنصب، وهذه صلاحية مهمة جدا في إيران أعطيت لمجلس خبراء القيادة الذي يبلغ عدده 88 عضوا يُنتخبون بشكل مباشر من قبل الشعب بالاقتراع، وعمل المجلس يستمر لمدة 8 سنوات، والتركيبة الجديدة لمجلس الخبراء هي ذاتها لا يوجد فيها جديد، وطبيعة المجلس هم مجتهدون فقهاء في الدين الإسلامي، وأعمارهم تتراوح ما بين 60 و80 عاما، لذا فمن الصعب جدا أن تصلح عليهم أي أسماء،إصلاحيين أو أصوليين، لا أعتقد أن مثل هذه التسمية مناسبة لهم، أعتقد أن الطبيعة الفقهية والدينية للأعضاء تجعل تطبيق هذه الصفات عليه صعبا، فلا يمكن أن نقول هذا المجلس أصولي محافظـ أو إصلاحي.انتخابات طهران بيَّنت تحولات كبيرة يعرفها المجتمع الإيراني، فهل إيران مقبلة على ثورة هادئة؟ نتائج الانتخابات في طهران كانت شيئا لافتا، وربما فاق التوقعات، لأن الإصلاحيين حصدوا جميع المقاعد في العاصمة الإيرانية، أو بتعبير أدق القائمة الائتلافية التي شكلها الإصلاحيون، وهو إنجاز كبير يحدث لأول مرة في إيران، في الدورة الأولى فاز بـ30 مقعدا، الانتخابات في طهران لن يكون فيها دورة ثانية على غرار الانتخابات السابقة، وأيضا على غرار الكثير من المدن الإيرانية الأخرى، فهناك جملة مؤشرات أو نتائج لهذه الانتخابات:أولا: أثبتت أن النظام السياسي في إيران يحترم أصوات المواطنين، مهما كانت النتائج للأصوليين أو الإصلاحيين أو لأي شخص آخر فالنظام السياسي في إيران يحترمها، وهي نقطة قوة جاءت لصالح النظام السياسي.ثانيا: بعض المعلومات كانت تقول سابقا إن هناك هندسة للانتخابات في إيران، وربما يقول البعض إن النتائج محسومة منذ البداية أو لا توجد هناك ديمقراطية أو حرية للناخب الإيراني، هذه النتائج جاءت لتدحض مثل هده التصورات، وهذا شيء مهم جدا.ثالثا: إن الشعب الآن أيقن، وحتى أولئك الذين كانوا يعتقدون بأن هناك إرادة للنظام وأن الشعب يجب أن يمضي وفق هذه الأخيرة، بأنهم يستطيعون إجراء عملية تغيير وأنهم يمتلكون القرار في انتخاب من يريدونه، فهم يساهمون في صياغة القرار في إيران، من خلال انتخابهم أحزابا وتيارات وشخصيات معينة للبرلمان من أجل صياغة القوانين الجديدة.أما إن كانت إيران مقبلة على ثورة هادئة، فأنا لا أعتقد بأن ما يجري عبارة عن ثورة أو انتفاضة، بقدر ما هي إرادة شعبية تريد أن تحقق ذاتها، وأن تعمل من أجل إجراء تغيير في القوانين والتعاطي معها، قصد معالجة المشاكل. المواطن الإيراني بشكل عام جريء وطموح يسعى إلى الأفضل، ويعمل على انتخاب من يعتقد أنه يستطيع حل مشاكله الاقتصادية والاجتماعية والحياتية، وهو يعتقد بأن البرلمان يمكن أن يكون بهذا المستوى.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: