+ -

أجمع مختصون في الشأن الأمني على أن تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي فشل في تحقيق الهدف الذي رسمه لاعتدائه على منشأة الغاز، في الخريبشة بمنطقة المنيعة (غرداية)، أول أمس، بالاستيلاء عليها، معترفين في الوقت ذاته بأن الحادثة مكنت من تسويق صورة حضور التنظيم الإرهابي في وسائل الإعلام لا أكثر. في هذا الصدد، يقول الخبير العسكري والأمني، العقيد المتقاعد رمضان حملات، في اتصال مع “الخبر”، إن تنظيم القاعدة المتواجد في الصحراء منذ نهاية التسعينات، أراد من خلال الاعتداء على منشأة الغاز توجيه رسالة للرأي العام الوطني والعالمي بأنه موجود ويستطيع أن يضرب في التوقيت والمكان الذي يريد. وتابع حملات: الإرهابيون سجلوا حضورهم ولكنهم فشلوا في إلحاق الأضرار بمنشأة الغاز وتعطيل الإنتاج واختطاف رهائن مثلما حدث في اعتداء تيڤنتورين في 2013، مرجحا بأن استهداف منشأة الغاز يهدف لضرب الأمن الاقتصادي.وردا على سؤال حول وجه الشبه بين اعتداء تيڤنتورين والمنيعة، أجاب حملات أنه لا مجال في المقارنة بينهما، موضحا بأن الأول حقق إنجازات عسكرية أهمها اختراق الحدود ومنطقة اقتصادية آمنة وهامة ونفذوا 50 بالمائة من خطتهم، وهي قتل وتخريب وتعطيل أكبر مصنع للغاز في البلاد، وأجبروا سوناطراك وشركاءها على مراجعة إجراءات الأمن والحراسة، أما في اعتداء المنيعة فإن الإرهابيين فشلوا فشلا ذريعا في هدفهم باستثناء الفقاعة الإعلامية التي تشكلت عقب الحادثة.وعن لجوء الإرهابيين لاستعمال قذائف تقليدية الصنع في الاعتداء ومن مسافة بعيدة عن منشأة الغاز، أجاب العقيد المتقاعد، رمضان حملات، أن عدم إصابة القذائف التي أطلقت من مدافع تقليدية الصنع “هبهاب على الأرجح”، هدفها، دليل على سرعة تحرك قوات الجيش وأيضا نجاعة أجهزة الإنذار التي تكون أربكت الإرهابيين وأحبطت خطتهم، والاكتفاء بإطلاق قذائف بحثا عن “التهويل الإعلامي لا غير”. ويضيف مؤكدا: “محاولة الاعتداء الفاشلة ستدفع بالقاعدة إلى مراجعة نفسها وستقتنع بأن معطيات الميدان تغيرت لغير صالحها”.وبشأن التعاطي الإعلامي والشعبي مع الاعتداء، قدر المتحدث بأنه كان من الطبيعي أن يستحوذ الاعتداء على اهتمام الشارع ووسائل الإعلام، خاصة وأنه تزامن مع هجمات إرهابية ضربت عواصم إفريقية وعمليات أمنية ضد شبكات متطرفة بعواصم أوروبية مثل بروكسل (بلجيكا) وأنقرة (تركيا)، داعيا المواطنين إلى عدم الركون إلى القلق والخوف والإبقاء على معنوياتهم مرتفعة، خاصة وأن الإرهابيين يبحثون عن زرع الشك والريبة في نفوسهم ونفوس أفراد الجيش في الميدان.أما المتابع للشأن الأمني، أكرم خريف، فيؤكد أن إرهابيي القاعدة كانوا يريدون تكرار سيناريو تيڤنتورين، باقتحام منشأة الغاز واحتجاز عمالها، لكنهم فشلوا بفضل يقظة جنودنا الذين كانوا يؤمّنون المنطقة وبفضل أجهزة الإنذار التي اقتنتها وزارة الدفاع الوطني.وجوابا على سؤال يخص سرعة انسحاب الإرهابيين وعدم التمكن من إلقاء القبض عليهم، رغم تدخل الجيش بالطائرات المروحية، أوضح أكرم خريف بأن أقرب قاعدة جوية من المنشأة تبعد بمسافة 200 كلم، وزمنيا يتطلب الوصول إليها ساعة و30 دقيقة بواسطة الحوامات، وخلال هذه المدة الزمنية يستطيع الإرهابيون الاختباء في الوديان والجبال التي توفر لهم الحماية.من جهة ثانية، كشف خريف لـ”الخبر” عن تهديدات أطلقها تنظيم القاعدة قبل فترة ضد الشركات الأجنبية في الصحراء الجزائرية، يتوعدها فيها ويطالبها بمغادرة التراب الجزائري، وهو ما يعني توقف النشاط الإنتاجي بمنشآت المحروقات الوطنية ويرفع تكلفة الحماية، ليخلص قائلا: “رمزية هذا الاعتداء تتمثل في تسجيل الحضور في الجزائر بعد سلسلة اعتداءات في عواصم دول إفريقية، وتحديدا في غرب إفريقيا، موازاة مع عودة جماعة المرابطين إلى صفوف القاعدة”. وأشار إلى أن هذا الاعتداء يأتي بعد تسريبات استخباراتية أمريكية عبر موقع ويكليكس، يتهم السلطات الجزائرية بتوقيع اتفاق مع جماعة مختار بلمختار “المرابطون”، بضرب مصالح دول مجاورة، بالإضافة إلى تقارير إعلامية لقياديين موريتانيين في القاعدة تنقل عنهم اعترافات بوجود تفاهم بين بلمختار والسلطات الموريتانية. وحسب أكرم خريف، فإن الكثير من التسريبات الاستخباراتية، تفيد بوجود مساع تبذلها السينغال من أجل إبرام “معاهدة سلام” مع القاعدة التي نفذت اعتداءات في كوت ديفوار المجاورة وبوركينافاسو ومالي.القضاء على 4 إرهابيينوعُلم من مصادر أمنية في منطقة الخريشبة (200 كلم جنوبي المنيعة)، أن وحدات من الجيش الوطني الشعبي تمكنت من القضاء على أربعة إرهابيين، مساء أمس، في موقع يقع إلى الجنوب من حقل الخريشبة للغاز. وقال مصدرنا إن وحدات الجيش تطارد سيارة رباعية الدفع، يُعتقد أن بها إرهابيين جرحى، وبأن المجموعة التي تعاملت مع وحدات الجيش، مساء أمس، هي نفسها التي نفّذت الاعتاء الإرهابي ضد حقل الخريشبة.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات