المعارضة تضيّع سنتين من عمر" الانتقال الديمقراطي"

38serv

+ -

 لم تنجح المعارضة بعد عامين من ندوة مازافران الأولى، في تحقيق مشروع الانتقال الديمقراطي المتفاوض عليه، لأسباب ذاتية تتعلق بقدرتها على التأثير في المجتمع وكسبه إلى صفها، وأخرى خارجية ترتبط أساسا بإصرار نظام الحكم القائم على عدم الاعتراف بما تسميه المعارضة أزمة سياسية واقتصادية.تدرك المعارضة، وهي تعقد اليوم ندوة مازافران 2، أن مفتاح تحقيق مشروع الانتقال الديمقراطي، هو في قلب موازين القوى لصالحها والحصول على دعم شعبي لمشروعها يفرض على الطرف الآخر التواصل معها. ودون ذلك، تبقى السلطة مستغنية عن أي شريك آخر يساعدها على تجاوز الأزمة التي تفضل مجاراتها وكسب الوقت في ارتقاب عودة الأمور المالية خاصة إلى نصابها.لكن المعارضة المنتمية إلى هيئة التشاور والمتابعة، رغم وعيها بهذه الحقيقة، إلا أنها ضيّعت وقتا طويلا في التشاور والبحث واللقاءات الروتينية، ولم تستثمر هذه المساحة الزمنية الشاسعة في تجنيد الجماهير إلى صفها. وقد وصل إلى هذه القناعة، فاعلون في المعارضة نفسها، إذ لا يخفي محسن بلعباس، رئيس التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، وجيلالي سفيان، رئيس جيل جديد، في لقاءاتهما الصحفية أن العمل الميداني هو أبرز ثغرة تميز المشروع المعارض في الجزائر.وبذلك تراجع الزخم الذي حققته المعارضة في بدايات تكتلها لمقاطعة الانتخابات الرئاسية ثم الانتظام في مشروع واحد ينادي إلى الانتقال الديمقراطي، فالكل كان ينتظر أن يتمخض عن ندوة مازافران الأولى، عدا عن المشروع النظري المتمثل في الوثيقة المتبناة، خطوات باتجاه الشارع لتشكيل جبهة شعبية رافضة لحالة الانسداد الذي خلفته إرادة السلطة بتمريرها عهدة رابعة للرئيس بوتفليقة قضت على كل أحلام التغيير في الجزائر.بيد أن هذا الأمر لم يتحقق على الرغم من محاولات محتشمة للعمل الميداني الجماعي، كانت أبرزها الوقفة الشهيرة في كل الولايات لمناهضة قرار الحكومة التنقيب عن الغاز الصخري، بعد الإحراج الذي تسبب به صمود الجزائريين في جنوب الوطن، رفضا لهذا المشروع الخطير من وجهة نظرهم على البيئة الصحراوية. وقبل ذلك كان للمعارضة تجمع حاشد في قاعة حرشة، ضم وجوه تنسيقية الانتقال الديمقراطي وحتى الرجل الثاني في الفيس المحل علي بن حاج.غير أنه من الإجحاف تحميل المعارضة المسؤولية لوحدها، فالسلطة لما يتعلق الأمر بتنظيم التجمعات المشتركة غالبا ما تدير ظهرها وترفض منح الترخيص. لذلك ردا على تهمة عدم القدرة على التجنيد في الشارع، بادرت أحزاب في المعارضة بتنظيم تجمعات فردية والتحرك اتجاه الولايات، وقد لوحظ إقبال شعبي معتبر على تجمعات حمس والأرسيدي والعدالة والتنمية، في رسالة إلى السلطة بأن العبرة بالالتفاف الشعبي وليس في ملء القاعات.كما أن المعارضة بتكتلها، سجلت عدة نقاط في رصيدها، فخطابها الشديد ضد الرئيس اضطر محيطه إلى الاستعانة بأحمد أويحيى وإعادته إلى التجمع الوطني الديمقراطي من أجل أن يتاح له سياسيا الرد عليها، إذ كان واضحا تفوق المعارضة إعلاميا على الموالاة التي افتقدت متحدثا لائقا باسمها، عدا الخطاب “الكاريكاتوري” لأمين عام الأفالان الذي لا يقدم كثيرا على مستوى الأفكار. بالإضافة إلى تسبب المعارضة في إحراج دستور السلطة الذي اعترف سعداني نفسه بتأخره بسبب عدم مشاركتها فيه. ونجحت المعارضة في إيصال صوتها دوليا وكادت لقاءاتها مع بعثة الاتحاد الأوروبي، العام الماضي، أن تتسبب في أزمة دبلوماسية بين الجزائر وشريكها الأوروبي.أما الطرف الثالث الغائب عن المعادلة، فهو الشعب، الذي يتبنى كل طرف الحديث باسمه دون أن يكون مكترثا لأحد. هذه السلبية في التعاطي مع الحراك السياسي القائم في الجزائر، باتت محل انتقاد من المعارضة التي كسرت هذا الطابو وتجاوزت المقولة السياسية الشائعة: “الشعب دائما على حق”. وفي هذا الصدد يقول جيلالي سفيان إن “المجتمع يعيش في سبات والمواطن أصبح غير مدرك للخطر الذي يترصده وعليه الاستيقاظ من ذلك”. بينما يعبّر عبد الرزاق مقري عن ذلك بطريقته عندما يقول إنه “لا توجد أحزاب يمكنها أن تهزم الدولة، وعلى الشعب أن يتحمّل مسؤوليته”.ومع أن المعارضة تؤكد أن طرحها لا يعتمد “الخيار الثوري” وهو مبني على “انتقال سلس للحكم متفاوض عليه”، إلا أن الوضع الاقتصادي الحالي للبلاد، يجعلها متحسبة لحدوث اضطرابات اجتماعية قد تتطور إلى موجة شعبية مناهضة للنظام. لذلك تقوم فلسفتها على طرح البديل الجاهز للشعب في حال أراد التغيير، وهو تفكير قد لا يكون سليما، لأن الوصول إلى مرحلة الانفجار قد يلفظ الجميع سلطة ومعارضة!

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات