معاناة آلاف المطلقات والأطفال يدفعون الثمن

+ -

رُهنت حياة آلاف المطلقات وحُرمن من إعادة الزواج وهن في عز شبابهن، بعد أن فشلت تجربتهن الزوجية الأولى، فقط لأنهن أمهات حاضنات، حيث يمتنعن عن الزواج ثانية خشية فقدان حضانة أطفالهن، لأن تعديل قانون الأسرة سنة 2005 ألزمهن بالتخلي عن الحضانة لصالح الأب، فوضعهن أمام خيارين؛ إما إكمال حياتهن من دون شريك، أو الزواج العرفي. ليندة، ونسيمة، ووسيلة... رغم اختلاف أعمارهن وحالاتهن الاجتماعية وأسباب طلاقهن، إلا أن جميعهن تقاطعن في معاناة واحدة. معاناة رافقت الشابة ليندة صاحبة 32 سنة، التي لم تنعم هي الأخرى بحياتها الزوجية، بسبب إدمان زوجها على شرب الخمر، فوجدت نفسها مجبرة على العودة إلى حضن والديها رفقة طفلين، أحدهما في الثامنة من العمر والثاني في عامه الثالث.واستعصى على ليندة التقدم بأي خطوة إلى الأمام أو الخوض في تجربة حياة زوجية جديدة، رغم عروض الزواج التي لا تزال تصلها إلى حد الآن، آخرها كان من شخص أبدى تفهما لوضعيتها الاجتماعية، ووافق على العيش معها رفقة ابنيها، على أن يتزوجا زواجا عرفيا. إلا أنها رفضت المجازفة بمصير ابنيها، وفضلت مواصلة الدرب لوحدها، وخرجت لكسب قوت ابنيها من الأعمال الشاقة، مفضلة التضحية في سبيل طفليها، غير أنه مع مرور الوقت تولدت لديها اضطرابات نفسية انعكست على طريقة تعاملها مع طفليها.زواج عرفي.. فطلاق بالثلاث!ولا يذهب جميع المطلقات إلى ما ذهبت إليه ليندة، بل يفضل بعضهن تجديد حياتهن الزوجية بطريقة عرفية، هروبا من الضغط الذي يتعرضن له لدى عودتهن إلى المنزل، مثلما هو الحال بالنسبة لسيدة تقطن في العاصمة، هي الأخرى مطلقة ولها طفل في السادسة من عمره.قرار الزواج عرفيا اتخذته الأم للتخلص من الإحراج الذي كانت تشعر به أثناء مكوثها في منزل والديها، نظرا لضيق المنزل والوضعية المالية الحرجة لعائلتها، فقبلت بأول شخص تقدم لخطبتها وعاش الثلاثة تحت سقف واحد مدة سنتين.. حتى اكتشف زوجها السابق أمرها، فعادت المعاناة من جديد من خلال تهديدات طليقها بأن يكشف أمرها للعدالة، ومن ثم ينزع لها طفلها، فأجبرت زوجها الجديد على تطليقها بالثلاث، وفي أثناء تلك الفترة توفي والدها. ولما أرادت العودة إلى منزل والديها، اصطدمت بواقع مر بعد أن رفض أشقاؤها لم شملها، وحمّلوها مسؤولية قراراتها تلك.الأم الشابة تعيش اليوم مأساة حقيقية وتعاني اضطرابات نفسية.. تشتغل عاملة نظافة في العديد من المحلات التجارية مقابل مبلغ زهيد لا يغطي حتى تكلفة كراء البيت القصديري الذي تستر نفسها فيه رفقة ابنها.الهجرةنسيمة البالغة 27 سنة من العمر، لا تختلف حالتها عن حالات الأمهات المطلقات؛ إذ استعصى عليها إعادة النظر في مستقبل حياتها وحياة ابنتها، رغم العروض التي وصلتها، خوفا من تضييع حضانة ابنتها من جهة، وخوفا من التهديدات التي كانت تصلها من طليقها مروج المخدرات من جهة أخرى، لتقرر في الأخير الهجرة إلى ما وراء البحار رفقة رضيعتها، بحثا عن حياة جديدة بين قوم جدد، قد يكونون أرحم من أولئك الذين ضاع شبابها بينهم.تخلت عنهالكن ليس لكل الأمهات وجهة النظر نفسها، فبعضهن يفضلن العيش معاناة أخرى تتمثل في العيش بعيدا عن فلذات أكبادهن، وهو الاختيار الذي اتخذته الشابة وسيلة صاحبة 22 ربيعا.. “أرغموني على الزواج وأنا في 17 من عمري من زوج لا يتحمّل المسؤولية، نظرا ليسر حالة عائلته المالية، وكان عنيف التعامل معي واعتدى علي عدة مرات، فقررت الانفصال عنه وأنا في 19 من العمر”، على حد قولها.وتابعت “اشترط علي التخلي عن حضانة الطفلة، وهو ما رفضته في بادئ الأمر جملة وتفصيلا”، لكن محدثتنا لم تطق العيش معه أكثر، وبعد أخذ ورد دام أكثر من سنة قبلت بالشرط وتخلت عن ابنتها للعيش معه، وما شجعها على اتخاذ هكذا قرار هو يسر حالته المالية، عكس حالتها.    

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: