+ -

 تشير الإحصائيات المقدمة من قبل سجلات الحالة المدنية، إلى أن آلاف المطلقات الحاضنات لأطفالهن من الزواج الأول لم تتزوجن ثانية، ويؤكد عدد من هؤلاء النسوة اللواتي استجوبتهن “الخبر” أن السبب الرئيسي هو رفضهن التخلي عن أبنائهن طبقا للمادة 66 من قانون الأسرة المعدل لسنة 2005، رغم أن القانون ذاته يقر بوجوب مراعاة حق المحضون، غير أن العديد من قضاة قسم الأسرة يغضون الطرف عن تطبيق هذا الاستثناء.تشهد ظاهرة الطلاق في المجتمع الجزائري، خلال السنوات الأخيرة، تناميا رهيبا بسبب السلطة التي منحها المشرّع للرجل بإمكانية الطلاق باستعمال الإرادة المنفردة، أو بعد إقرار حق الخلع واستحداث صندوق دعم المطلقات، وهي عوامل كلها شجعت على خيار الانفصال بين الزوجين كحل للخلافات المستمرة بينهما، أو لظروف استحالت معها الحياة الزوجية بين الطرفين. وتؤكد الإحصائيات الرسمية أن عدد حالات الطلاق على المستوى الوطني بلغ سنة 2014 54 ألف حالة، وتزايد هذا العدد سنة 2015 بنسبة 12 في المائة.وبعد حدوث الطلاق، يجد الأبناء أنفسهم ضحية قضية لم يكونوا طرفا فيها، حيث يفقدون الحنان الأسري الناتج عن تواجد الأب والأم معا إلى جانبهم طيلة مسيرتهم إلى غاية بلوغ سن يسمح لهم فيها بالاعتماد على أنفسهم لمواجهة مصاعب الحياة ومشاقها، وفي هذه الحالة تنص المادة 64 معدلة من قانون الأسرة الجزائري لسنة 2005 على أن “الأم أولى بحضانة ولدها ثم الأب، ثم الجدة للأم، ثم الجدة للأب...”.وتشير معلومات مستقاة من عدد من البلديات بعنابة كعينة لعدد من النساء ممن هن في العشرينات من أعمارهن، رفضن الزواج ثانية خوفا من فقدانهن لأبنائهن، مثلما تنص على ذلك المادة 66 من قانون الأسرة “يسقط حق الحاضنة بالتزوج بغير قريب محرم، وبالتنازل ما لم يضر بمصلحة المحضون” .وقد عبّرت عدد من هؤلاء النسوة ممن التقت بهن “الخبر” عن سخطهن لعدم إسناد الحضانة للجدة من الأم، مثلما كان ينص عليه قانون الأسرة قبل تعديله سنة 2005، وبعدها يأتي الأب في المرتبة الثالثة، وذكرن أن عددا كبيرا من النسوة يفضلن العيش مع أبنائهن، ولو كان واحدا، لحمايته من الانحراف أو الضياع في حالة زواجها ثانية وإسناد حضانته لأبيه.كما تشير معلومات من عدد من ولايات الجنوب، حيث يكون سن الزواج هناك متقدما مقارنة بالولايات الأخرى، إلى أن العديد من الأمهات ممن طلقن في سن 19 سنة ومعهن طفل أو طفلان، توقفت حياتهن عند هذا السن، حيث لم يتمكنّ من الزواج ثانية لأجل أبنائهن، إذ وجهن نداء للمشرع الجزائري بضرورة إعادة نص المادة المشار إليها أعلاه إلى ما كانت عليه في القانون رقم 84/11 المؤرخ في جوان 1984. وقد اعترف محامون بحق هؤلاء النسوة في رفض الزواج ثانية خوفا على مصير أبنائهن من الزوج الأول، وهي تضحية منهن من أجل أبنائهن، وأضافوا أنه من خلال ممارستهم اليومية مع هذا الموضوع، لاحظوا أن أغلب قضاة قسم الأسرة عبر المحاكم والمجالس في حالة الطعن في الحكم، قلما يراعون مصلحة المحضون عندما تعيد المرأة الزواج، وتجد نفسها في مواجهة دعوى رفعها طليقها لإعادة حضانة الأبناء إليه.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: