الأنصار يتسابقون لاكتساح مدرجات الملعب الأولمبي

+ -

دخل أنصار مولودية الجزائر ونصر حسين داي في معركة شرسة لحشد وتحسيس جماهير الفريقين، قبل موعد نهائي الكأس الذي سيجمعهما، يوم الأحد، بالملعب الأولمبي (5 جويلية) باكتساح الشوارع والأحياء، قبل الموعد الثاني باكتساح الملعب الأولمبي وانتقلوا إلى السرعة القصوى في الساعات الأخيرة لتسويق الرايات، التي تحمل ألوان الفريقين وتزيين العمارات والشوارع المعروفة في الفريقين بالعاصمة، وأيضا المحلات التجارية، تحضيرا للعرس الكروي الذي سيحسم المواجهة بين الفريقين الجارين والفائز بها سيسجل اسمه بأحرف من ذهب.حرب المواقع تمتد إلى كل شوارع العاصمةلم تكن أحياء حسين داي وباب الوادي فقط التي تحتفل بالحدث الكروي عند متابعة “الخبر” عن قرب للحركة غير العادية لأنصار مولودية الجزائر ونصر حسين داي، والهدوء الذي كسّره أنصار الفريقين، قبيل النهائي الواعد عندما صنعوا ألواحا فنية بتزيينهم الأحياء بالرايات والمواكب الطويلة التي اصطفت فيها السيارات للاحتفال بالموعد الكروي، في خطوات أراد من خلالها كل فريق أن يوجه للآخر إشارات إلى أنه حضّر كل أسلحته لربح معركة اكتساح المدرجات.أول ما استوقفنا في طريقنا إلى معاقل النصرية، كان ميدان ساحة عميروش بحسين داي، ولم نشعر بالمفاجأة عندما لاحظنا صورة كبيرة للشهيد العقيد عميروش بألوان الفريق عند مدخل الساحة، التي كانت تعج بالباعة من مختلف الأعمار وكلهم يرتدون قمصان النصرية، صانعين ديكورا موحدا باللونين الأصفر والأحمر. ولم تكن الساحة التي تتوسطها نافورة جميلة، الوحيدة التي تعيش على إيقاع الحدث؛ فكل الطرقات التي تربط النافورة زينت عن آخرها بلوني النصرية، ولفتت صورة عملاقة كبيرة أصحاب المركبات والمارة تتوسطها صورة هزلية لشخص باللونين الأصفر والأحمر، وتشير إلى سنة 1947، تاريخ تأسيس الفريق.تأملنا في الصورة طويلا... قبل أن يدفعنا الفضول لنطلب من شاب كان يحتفل بالموعد الكروي رفقة أصدقائه، تكهنه للنتيجة النهائية، فضل الرد على سؤال لم نطرحه عليه بالقول: إنه تمكن من الحصول على مجموعة من التذاكر مقابل 300 دينار للواحدة في الساعات الأولى لعملية طرح التذاكر للبيع، وقدر التذكرة الواحدة بـ900 دينار.. ذكرناه بسؤالنا، ليجيب أن النصرية ستفوز بالكأس. وإذا توجت بها المولودية، فهذا يعني، بحسبه، أن الحكم أراد أن يقدم هدية للمولودية.شكرناه على رده وتوجهنا إلى أحد باعة الرايات، وسألناه عن مكسبه من بيع الرايات، فقال إنه لا يبحث عن جني أموال كبيرة، بقدر ما يسعى إلى مرافقة الأنصار والمساهمة في خلق أجواء تساعد وتشحن اللاعبين للفوز بالكأس. سألناه ثانية عن جهده وما إذا كان المقابل المتواضع الذي يحصل عليه يكفيه ويغطي مصاريفه وجهده، تردد في الرد في البداية، قبل أن يقرر الإجابة بعفوية بالقول إنه أب لثمانية أولاد وأولويته في مثل هذا الظرف هو المشاركة في الأجواء الزاهية.غادرنا المكان وتوجهنا نحو فتاتين شابتين كانتا تبدوان أنهما خرجتا من المدرسة لحملهما محفظتين، وهما ترتديان ملابس باللونين الأحمر والأصفر.. سعينا لطرح سؤال عليهما حول الأجواء، لكنهما فضلتا الفرار عندما شاهدتا مساعي المصور وهو يتحين الفرصة الجيدة لأخذ صورتهما. وربما ندمت الفتاتان عن موقفهما، وتأسفتا على تخييبنا بما أنهما وافقتا أخيرا على التفوه بكلمات، فهمنا منها أنهما ستشجعان النصرية يوم المقابلة وفخورتان بالانتماء إلى مدينة حسين داي، وهما يلحان على الاحتفاظ بمسافة عن مكان تواجدنا.. تفهمنا خجل الفتاتين وتوجهنا إلى تجمع للأنصار بمحاذاة وكالة البريد.. في البداية لم نستوعب سبب مراقبتهم للسيارات المارة، قبل أن ندرك بأن هؤلاء كانوا يترقبون مرور اللاعبين على متن سياراتهم لالتقاط صور تذكارية رفقتهم، وتزامن وجودنا مع مرور أحد اللاعبين بسيارته ولم نتعرف على اسم اللاعب بسرعة بسبب تهافت الأنصار عليه، ودفعوه إلى توقيف سيارته، متجاهلين عرقلة حركة المرور، رغم الحضور القوي لأعوان الشرطة، وكأن الأنصار أرادوا أن يقولوا لممثلي الأمن إنهم يعيشون الاحتفال ولا يجوز التشويش على عرسهم الذي تعيشه جميع أحياء حسين داي، لاسيما في شارع طرابلس، الذي تزينت فيه العمارات بلوني النصرية، مثلما كان عليه الحال في نهجي بوجمعة مغني والطاهر بن سنوسي. أنصار المولودية يصنعون ألواحا فنية مميزةتوجهنا إلى أحياء باب الوادي بعدها لجس نبض أنصار “العميد”، ولم تكن الأجواء مختلفة، إلا أن حجمها كان أكبر، مثلما لاحظناه ونحن نتنقل وسط أكبر معاقل المولودية.. ولم يكن طريقنا إلى باب الواد سالما، بما أن شرطيا اعترض طريقنا ليستفسرنا عن سبب تصوير المشاهد، وليفلت انتباهنا إلى أنه يمنع تصوير مديرية الأمن الوطني.. لم نتجادل معه كثيرا وأوضحنا له أن مشاهد الأنصار هي التي تجذبنا لتصويرها، وليس مصالح مديرية الأمن الوطني.. ابتسم في وجهنا وطلب منا الانصراف بلباقة.عند مدخل باب الواد، وبالضبط عند بوابة شارع محمد بوكلة، لا يمكن أن تسير فوق الطريق دون أن يلمح نظرك صورة عملاقة وهي تربط عمارتين متقابلتين بألوان المولودية، مكتوب عليها “هنا باب الواد”. وليس بعيدا من ذلك، لجأ الأنصار إلى تحويل حديقة “طالب عبد الرحمن” إلى معرض كبير للترويج وبيع مختلف المنتوجات المستعملة في تشجيع المولودية، باللونين الأحمر والأخضر، وكان الإقبال عليها كبيرا من مختلف الأعمار تحت مراقبة شديدة لرجال الأمن، ما كان يعني أن المولودية ليست ناديا كباقي الأندية؛ بل هي فريق يعشقه الكبار قبل الصغار، وقاعدته الجماهيرية ليست مرتبطة فقط بالعاصمة، بل في كل ولايات الوطن.توجهنا إلى الساحة التي تعرف بـ “الساعات الثلاث”، ولم يزعج ضيق الطرقات لا الباعة ولا الزبائن، فعلامات الأفراح لم تغادر وجوه المارة طوال الوقت الذي قضيناه رفقة الباعة، الذين أكدوا أنهم رفعوا أرقام عملهم ويتوقّعون الحصول على أرباح أكبر في الساعات القادمة قبل النهائي التاريخي، الذي يمثل حدثا استثنائيا، ليس فقط للجماهير؛ بل أيضا بالنسبة للإدارة الجديدة لـ “العميد”.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات