+ -

تبقى الحكومة عاجزة عن ضمان تقديم إعانة للمواطن الفقير دون المساس بكرامته، فرغم تسجيل تجاوزات وشكاوى من طرف المواطنين الفقراء المعنيين بالاستفادة من “قفة رمضان”، منذ استحداثها وإحالة بعض القضايا على أروقة المحاكم، إلا أن السلطات المعنية فشلت في إقرار إجراءات تسمح بتحسين تسييرها لتصل إلى وجهتها، ولم تفعل سوى تغيير اسمها من “قفة” إلى طرد غذائي!خبراء ومختصون لـ”الخبر””القفة تحوّلت إلى إهانة للمواطن ونهب لأموال عمومية”قال خبراء ومختصون إن إجراء قفة رمضان لم يحقق هدفه وهو تقديم إعانة للفقير، تُجنبه السُؤال خلال شهر رمضان، وتضمن له حياة كريمة، إذ يتكرر كل سنة سيناريو التجاوزات التي يتسبب فيها المسؤولون المحليون من إبرام صفقات وتوزيع القفة بطرائق مشبوهة.ويؤكد رئيس جمعية المستهلكين، مصطفى زبدي، في حديثه لـ«الخبر” بأن السنوات الماضية شهدت العديد من التجاوزات خلال مختلف مراحل توزيع قفة رمضان، من محتويات القفة إلى تحديد قوائم المستفيدين إلى مرحلة التوزيع، وهذا ما تدل عليه العشرات من الشكاوى التي تصل الجمعية في السنوات الماضية.وعن نوع الشكاوى التي تصل الجمعية قال زبدي إن أغلبها يتعلق بنوعية المنتجات التي تحتويها القفة، إذ أن بعضها رديئ، وأخرى لا تتناسب وما يحتاجه المواطن خلال شهر رمضان، على غرار البقوليات، إضافة إلى وجود مواد فاسدة في بعض الطرود الغذائية نظرا لتخزينها لمدة طويلة دون احترام مقاييس حفظها، وغيرها من التجاوزات التي قال المتحدث إنها تتكرر بشكل مستمر.واقترح عضو المكتب التنفيذي لشبكة الديمقراطيين العرب أن يتم استحداث طريقة جديدة لتسيير قفة رمضان لضمان توجيهها إلى مستحقيها الفعليين من الفقراء والمساكين، وهي تقسيمها إلى قسمين: الأول يمنح نقدا والثاني كمواد غذائية، مفيدا بأن هذا يجعل العائلات تستفيد من المواد الغذائية الأساسية كالزيت والسكر وغيرها، على أن تشتري بالمبلغ النقدي ما تحتاجه، حسب خصوصية كل عائلة.من جهته قال الرئيس السابق للرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان، بوجمعة غشير، لـ«الخبر” إن جميع الأساليب التي تم اتباعها من طرف السلطات العمومية لتوزيع قفة رمضان، أخذت الطابع الإشهاري، ما يعطي، حسبه، الانطباع بأن الحكومة تتولى أمور الناس المعوزين، لكن الحقيقة، حسب محدثنا، غير ذلك، إذ تحول هذا الإجراء إلى نوع من الإهانة للمواطن البسيط.ودعا نفس المصدر إلى سحب مهمة تسيير قفة رمضان من البلديات، فهذه الأخيرة، حسبه، لم تتسبب في سوء توزيع هذه الإعانة فقط، وإنما ثبت أيضا وجود تواطؤ مع الممولين وبعض مسؤولي البلديات، ما أدى إلى اكتشاف تضمين القفة سلعا منتهية الصلاحية وفاسدة، ما أدى إلى وصول القضايا إلى أروقة المحاكم.وعليه اقترح المتحدث إيجاد طريقة أخرى لتوزيع الإعانة على غرار منح مبالغ مادية للعائلات الفقيرة، لكي لا تذهب الأموال العمومية إلى غير وجهتها، إضافة إلى ضرورة منح التسيير لهيئة أخرى عدا البلديات التابعة لوزارة الداخلية والجماعات المحلية والتي أثبتت فشلها في الواقع، مثل المساجد أو الهلال الأحمر أو أي هيئة أخرى تضمن عدم التلاعب بهذه الإعانة.رئيسة الهلال الأحمر الجزائري، سعيدة بن حبيلس، لـ”الخبر””قوائمنا هي الأكثر مصداقية” ترى الوزيرة المنتدبة السابقة لوزارة التضامن ورئيسة الهلال الأحمر الجزائري، سعيدة بن حبيلس، أن تحرير قائمة للفقراء الفعليين هو الخطوة الأولى لتحسين آداء قفة رمضان، وانتقدت القوائم التي تحررها البلديات والتي تقصي فيها المسجلين في مختلف مصالح الضمان الاجتماعي من الاستفادة من الإعانة. وقالت المتحدثة لـ«الخبر” إن مصالحها ستسهر على اتخاذ إجراءات جديدة لتحسين عملية جمع وتوزيع الإعانات المقدمة للفقراء خلال شهر رمضان المقبل، فقد ذكرت أن عملية توزيع الطرود الغذائية ستكون بحسب الأولوية، فيما يتم مراقبة المستفيدين من مطاعم الرحمة حتى لا يستفيد منها عابرو السبيل غير المحتاجين. وأوضحت بن حبيلس بأن مصالحها تقدم مساعدات للفقراء والمحتاجين طيلة أشهر السنة، ولا يقتصر الأمر على شهر رمضان، وذلك في إطار خدمة هدف مؤسسة الهلال الأحمر الجزائري الذي يسعى، حسبها، لأن يُقدم مساعدات إنسانية لجميع المحتاجين وفي كل الظروف، مؤكدة بأنها تريد جعل المؤسسة تستغني عن مساعدات الدولة، وتعتمد على مساعدات المحسنين وتوجيهها توجيها سليما إلى الفقراء الحقيقيين.وفيما يخص تحضيرات شهر رمضان، قالت بن حبيلس إن الهلال الأحمر سيسعى إلى التحكم أكثر في تأطير المساعدات وذلك على جبهتين: الأولى خاصة بتحديد قوائم المستفيدين منها، إذ أفادت بأن القوائم التي تُحددها مصالح الهلال الأحمر هي الأكثر كمصداقية، وأنها مخالفة للمعايير التي تعتمد عليها البلديات على غرار ضرورة أن لا يكون المحتاج مسجلا في مصالح الضمان الاجتماعي، فقد قالت إن الكثير من الأشخاص الذين يعملون ولكنهم فقراء، والعكس صحيح، على اعتبار أنها تعتمد على العمل الجواري وشهادات لجان الأحياء والأئمة، مفيدة بأن المواد الغذائية التي تتسلمها مصالحها ستوزع في شكل طرود، خاصة وأن عملية تحويلها إلى حوالات بريدية ومبالغ مالية لصبها في حسابات المعنيين غير ممكن حاليا، وذلك لصعوبة تحديد قائمة نهائية وشاملة للفقراء، على أن تمنح الأولوية للأشخاص الذين لا يملكون دخلا وخاصة من ذوي الاحتياجات الخاصة. أما الجبهة الثانية، حسب المتحدثة نفسها، هي مراقبة صارمة للمستفيدين من المطاعم التي تؤطرها مصالحها خلال شهر رمضان، فقد استنكرت بن حبيلس استفادة بعض الأشخاص الميسورين من الإفطار فيها، على غرار بعض عابري السبيل الذين يكونون في غنى عن تلك المساعدات كما يمكنهم نقل طعامهم لدى السفر مع توفر جميع الإمكانيات لذلك، مفيدة بأنه من الصعب تحديد المحتاج من غيره، لكن العاملين على مستوى تلك المطاعم يمكنهم أن يمنعوا كل مظاهر استغلال الإعنات من طرف البعض وتوجيهها إلى غير وجهتها.أرقام وتعريفات متضاربة للمحتاجينعجز في توحيد قوائم الفقراء   من بين الأسباب التي أدت إلى فشل قفة رمضان أو الطرد الغذائي، هو عجز الهيئات المشاركة في العملية التضامنية وهي وزارتا الداخلية والجماعات المحلية والتضامن الوطني والأسرة، إضافة إلى الهلال الأحمر الجزائري، عن توحيد قوائم الفقراء، بل وحتى تعريف موحد للفقير. تحصي وزارة التضامن الوطني والأسرة، حسب آخر الأرقام المقدمة، مليون و700 ألف فقير، فيما تحصي وزارة الشؤون الدينية والأوقاف 300 ألف عائلة محتاجة، أما مؤسسات الهلال الأحمر الجزائري فذكرت رئيسته لـ«الخبر” أنه من الصعب تحديد قائمة نهائية لعدد الفقراء في الجزائر.  هذا التناقض في المعطيات المتوفرة لدى مختلف المصالح يعكس عدم التنسيق بين الهيئات الثلاث، وهذا بالرغم من إشرافهم على نفس العملية التضامنية، وهو الأمر الذي يصعّب من عملية توزيع مختلف الإعانات، على غرار قفة رمضان.                          

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات