+ -

ألحقت زيارات شكيب خليل إلى الزوايا ضررا بالغا بسمعة هذا الفضاء الديني، الذي عرف بكونه مقصدا للبحث عن الهدوء والسكينة. ففيما رحب بعض شيوخها بوزير الطاقة السابق المتابع رسميا في قضية فساد، وأقاموا له الحفلات والزردات، وقف شيوخ آخرون ضد تنقله إليهم وجهروا برفضهم دخوله إلى الزوايا التي يقومون على شؤونها، ما أحدث شرخا في حلقة هامة من المنظومة الدينية. تحتاج الزوايا فترة طويلة وجهدا كبيرا حتى تستعيد صورتها والبريق الذي عرفت به، كمرجعية في تعليم وتدريس القرآن، بعيدا عن المرجعيات الدينية المشبوهة محليا وخارجيا. فـ”حادثة خليل” ستخلف لا محالة أثرا عليها بسبب الزج بها في نشاط سياسي مغلف بشبهة فساد. هذا المسعى غير البريء من جانب خليل، والذين يدعمون خطوة زيارة الزوايا، لقي مقاومة من جانب بعض الشيوخ ممن رفضوا المساس بسمعة الزاوية بدفعها إلى أداء أدوار بعيدة عنها.الموقف الذي اتخذه شيخ الزاوية الحملاوية بمدينة التلاغمة بولاية ميلة، وشيخ زاوية لبيض سيدي الشيخ في مدينة البيض، فاجأ الكثيرين ممن كانوا يتوقعون أن جميع شيوخ الزوايا بلا استثناء سيذعنون لتعليمات مديري الشؤون الدينية بالولايات، ببسط السجاد الأحمر تحت قدمي وزير الطاقة السابق وتنظيم حفلات صاخبة يوم قدومه. وربما بعض الشيوخ الذين أقاموا الأفراح لفائدة خليل، لم يتلقوا أية توجيهات بهذا الخصوص من أي مسؤول. ولكن الشائعات التي انتشرت بخصوص احتمال وجود مشروع لخلافة الرئيس بوتفليقة، بشكيب خليل، هو ما دفع بهم إلى الهرولة لاستقباله طمعا في ضمان استمرار رضا السلطة عنهم. قد يكون الحشد الذي جمعته الزاوية برڤان بولاية أدرار، أول أمس، بمناسبة زيارة خليل، ترجمة لذهنية “الطمع” التي تستحكم في الكثير من الزوايا.وقد نفى وزير الشؤون الدينية والأوقاف، محمد عيسى، الأخبار التي تناولتها وسائل الإعلام حول الإيعاز الذي تلقته الزوايا للقيام بالدور الذي تؤديه حاليا. لكن سرعان ما جاء الرد من زعيمة حزب العمال، لويزة حنون، التي تحدته بحيازتها الدليل على أن وزارة الشؤون الدينية مارست ضغطا على الزوايا لاستقبال خليل. ففي ولاية الشلف تلقى نواب الحزب المنتمون للولاية، دعوة من مدير الشؤون الدينية، لحضور الحفل الذي أعدته الزاوية المحلية للزائر غير العادي.وثبت في موضوع تنقلات خليل عبر الولايات، أن الشكليات التي كانت تتقيد بها السلطات حفاظا على سمعة بعض الرموز الدينية لم يعد يمثل عائقا أخلاقيا بالنسبة إليها، بمعنى أن ضرب مصداقية الزوايا والتشكيك في ثقة الجزائريين في رجاحة عقول شيوخها، ليس هاجسا بالنسبة للوزير عيسى ولا الحكومة، التي لا ترى حرجا في الزج بهم في مشروع سياسي سواء كان حقيقيا يتعلق بتحضير خليل لدور ما في المستقبل، أو مجرد بالون اختبار لقياس مدى تقبل فكرة أن يصبح شخص رئيسا رغم أنه محل مذكرة اعتقال دولية.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: