+ -

إن المتأمل في التاريخ الإسلامي وما نقله أهل السيَر والمغازي ليلتمس جليا أن شهر رمضان المبارك الفضيل، شهر شهد انتصارات عظيمة للإسلام والمسلمين. فمعركة بدر الكبرى التي تسمى بمعركة الفرقان، لأنها فرقت الكفر عن الإيمان، وفرقت الرذيلة عن الفضيلة، وقعت يوم 17 من شهر رمضان.. وفتح مكة كان في اليوم 20 من رمضان.

ما نأخذه في حياتنا الروحية من غزوة بدر أن السالك إلى الله لابد أن يجعل رمضان فرقانًا في حياته، يترقى بروحه إلى المقامات العلية، وما نأخذه في حياتنا الروحية من فتح مكة أن رمضان محطة للتجليات الربانية وللفتح الإيماني.ومعركة تبوك أيضًا وقعت في السنة التاسعة للهجرة من شهر رمضان، والإسلام انتشر في اليمن في السنة 10 من الهجرة في شهر رمضان، ومعركة الزلاقة التي انتصر فيها القائد يوسف بن تاشفين على الإفرنج كانت في 25 من شهر رمضان، والأندلس فتحت في السابع والعشرين من شهر رمضان على يد القائد طارق بن زياد، وموقعة عين جالوت بقيادة السلطان قُطُز سلطان المماليك بمصر وقعت يوم 15 من رمضان.وأول انتصار أن ينتصر المسلم على نفسه التي بين جنبيه وهي أعدى أعدائه وذلك بمخالفتها وتعويدها على الطاعات واجتناب المنهيات، فالصائم بمجاهدته نفسه بتركه ما لذ وطاب من أنواع الطعام والكف عن شهوته ينتصر على نفسه، وكما جاء في حديث البخاري قوله صلى الله عليه وسلم: ”حُفت الجنة بالمكاره وحُفت النار بالشهوات”، لذا رمضان اشتمل على كل أسباب الانتصار على النفس، فقد روى مسلم في صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ”إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب النار وصفدت الشياطين”.فإذا كان هذا حال رمضان، فعلى المسلم أن يكثر من الطاعات من قراءة القرآن الكريم والمحافظة على الصلوات جماعات وفي أوقاتها، والالتزام بشتى الأذكار، ولنتذكر قوله صلى الله عليه وآله وسلم فيما رواه البخاري ومسلم: ”مَن صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفِر له ما تقدم من ذنبه”.لذا على الصائم أن يجعل لنفسه برنامجًا في رمضان يختم فيه القرآن أكثر من ختمة، وكما قال تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ}.ومن مظاهر الانتصار على النفس عدم الغضب والتحكم في الأعصاب كما جاء في الحديث الصحيح: ”فإن سبه أحد أو شتمه فليقُل: إني صائم، إني صائم” يقولها بلسان مقاله، ويقولها بلسان حاله بأن يتخلق بخُلق الصوم، والصوم سمي في الحديث الذي رواه البخاري من قوله صلى الله عليه وسلم: ”والصبر ضياءٌ” قال شُراح الحديث من العلماء الصبر هو الصوم.ومن مظاهر الانتصار على النفس عدم الجشع والطمع في البيع والشراء، كما جاء في الحديث الصحيح أيضًا: ”إن الله عز وجل يُحب سمح البيع وسمح الشراء وسمح القضاء”، فعلى التجار أن يتقوا الله في هذا الشهر الفضيل بعدم رفع الأسعار، بل عليهم أن يرفعوا أسعار طاعتهم بالرحمة والسماحة في البيع والشراء.*إمام مسجد ابن باديس الجزائر الوسطى

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات