38serv

+ -

يزداد الإقبال على قراءة القرآن الكريم في شهر رمضان الكريم، شهر أنزل فيه القرآن هُدًى للنّاس، فتزداد حاجة المؤمن للتقرّب من خالقه، ويحتاج فيها المؤمن لتدبّر القرآن وتدارسه للاهتداء به. إنّ الدّارس للقرآن الكريم والمداوم على قراءته لا شكّ أنّه يرغب في الاستزادة منه كلّما قرأ منه جزءًا أو حزبًا. لأنّ في القرآن الكريم ميزة هي أنّه كلّما تعمّقتَ فيه كلّما وجدتَ دررًا وجواهرًا لم تكن لتلقاها في كتاب غيره.فالله تبارك وتعالى نزّله وحفظه وتحدّى به المعاندين والمكابرين في قوله تعالى: {قُلْ لَئِنْ اجْتَمَعَتْ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْان لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا} الإسراء:883.فاقتضت الحكمة الإلهية أن يكون القرآن فيه من التّحديات الكبيرة للبشرية جمعاء من وقت ما أنزل إلى أن تقوم السّاعة، ولكي يصل الإنسان لهذه المعاني والحكم الّتي تحدّى الله بها المكابرين والمعاندين، لا بدّ له أن يتدبّر جيّدًا القرآن ويفهم معانيه ويستخرج درره ولآلئه. ويمكن أن نوجز بعض السُّبل اليسيرة لإدراك معاني القرآن، في شهر القرآن، أهمها:التّقوى، وتقوى الله تبارك وتعالى أساس كلّ علم وحكم، فكلّما كنت قريبًا من الله وخفته واتّقيتُه كلّما زاد فهمك لمعاني كلام الله تعالى، فاللّه يوفّقك لفهم معاني كلامه حتّى يتيسّر لك عبادته بما أمرك به لا بما تراه أنتَ، مصداقًا لقوله تعالى: {وَاتَّقُوا اللهَ وَيُعَلِّمَكُمُ اللهُ وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيم” البقرة:282، فكلّ مَن يريد أن يفهم كلام الله تعالى عليه أن يخاف الله ويتّقيه، فهو الينبوع الّذي تشرب منه التدبُّر وتفهم منه الحكم والمعاني. قال تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إنْ تَتَّقُوا اللهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا” الأنفال:29، فالقرآن نور والمعصية ظلام ولا يمكن للظّلام أن يشقّ النّور ويهتدي به. فإذا تخلّص المؤمن من معاصيه الظّلامية اهتدى إلى التدبُّر النّوراني والفهم الربّاني. استشعار العظمة، فكلّما استشعرتَ عظمة الخالق في الكون وفي الخلق وفي الإيجاد وأيضًا في نعمة الإمداد، كلّما زاد تعلّقك بالقرآن ومحاولتك فهم معانيه، لأنّه دون استشعار عظمة الباري لا يمكن أن يفتح على العبد في تدبّر القرآن، فسيّدنا عمر كان يخاف من الله حقّ الخوف، يروى أنّه وقع مغشيًا عليه وقيل إنّه بقي على هذه الحالة شهرًا كاملاً، عندما سمع قارئًا يتلو قوله تعالى: “إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ” الذّاريات: 6.وأنّ يعتقد العبد بأنّه هو المخاطب بكلّ آية يقرأها، فينزلها على نفسه، فإذا كان هذا ديدنه ومنهجه فسيكون تدبّر القرآن بالنسبة له يسيرًا وفعّالاً، قال الحسن بن عليّ رضي الله عنهما: “إنَّ من كان قبلكم رأوا القرآنَ رسائلَ من ربّهم فكانوا يتدبّرونها باللّيل، ويتفقّدونها في النّهار”. وممّا يعين على التدبُّر تكرار الآيةِ وترديدها، والعودة مجدّدًا للآياتِ، فذلك له أثرٌ عظيمٌ في حضور القلبِ واستحضارِ الآياتِ والتأثُّرِ بها، ففي التِّكرار تقريرٌ للمعاني في النّفس، وتثبيتٌ لها في الصّدر، وسكينة وطمأنينة للقلب.*إمام ومفتش التّعليم القرآني بسطيف

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات