نعاني من إجهاض في الساحة الفنية ومن إنتاجـات "الفاســت فـود"

+ -

أعرب الفنان الكوميدي صاحب المونولوج الشهير “خباط كراعو” حكيم دكاّر، في حوار مع “الخبر”، عن أسفه الشديد من الإقصاء الذي تعرّض له في سنة قسنطينة العربية كصانع ومساهم فيها، متحدثا في نفس الوقت عن حال الإنتاجات المحلية التي لا تزال حبيسة الاستهلاك المحلي ولم تقدم صورة عن الوطن في القنوات الفضائية، ليؤكد في الأخير أن ما وصفهم بأصحاب الحشمة الفنية يعانون أمام اختيارات الأعمال السهلة والسريعة.أين هو حكيم دكار الغائب عن ساحة الدراما والمسرح؟في الحقيقة هذا السؤال يطرح على حكيم دكار بشكل يومي وكل ساعة، وأقول إن حكيم المواطن موجود في كل أرجاء الوطن وفي الشوارع الشعبية يحتك مع أبناء وطنه، أما الفنان فهو محفور في قلوب الناس الذين يعرفونه والذين تابعوا أعماله وشاهدوه عبر كل القنوات الفضائية. وعن غياب تواجدي الفني خلال شهر رمضان، يمكن أن أقول إن التجارب السابقة الفنية من دراما ومسرح والتي قدّمتها من قبل وحملت مستوى معيّن، راقت للجمهور داخل وخارج الوطن، وجعلتني أحترم الثقة التي أمضيت ميثاقها مع جمهوري، ولن أقدّم له إلا الأعمال الجيدة، الآن لا يهمني أن أكون غائبا قدر ما تهمني كيف أعيد تقديم نفسي للقاعدة الشعبية التي توسعت إلى خارج الإقليم وتسيير مسيرتي الفنية، وأكرر لن أتنازل عن مستوى وضعت نفسي فيه وهذا دون عامل الغرور.نشاهد الآن إنتاجا كبيرا للأعمال الجزائرية عبر القنوات الفضائية، فما هو تقييمك لها؟     فيه زخم كبير وكثرة للأعمال عبر القنوات التلفزيونية الجزائرية، التي نشاهدها خلال شهر رمضان، لكن للأسف نجد أعمال، لكن لا نجد من يضع الإمكانيات المادية الحقيقية وتوفير الإرادة لإنتاج عمل مميّز وهي الغائبة المغيّبة، أصبحنا في زمن السرعة حتى الأعمال أصبحت تشبه “الفاست فود” العمل على السريع للاستهلاك فقط في مرحلة معينة، وهو الأمر الذي يضر بالدراما، وهنا أنا أحب الأعمال التي تنطبق على طريقة الأكل التراثي التقليدي الذي يحمل التوابل ويكون صالح لكل زمان ومكان، وفي هذا الزخم أقول إنني أريد العودة لجمهوري بعمل درامي يحاكي يومياته، حاضره وماضيه ومستقبله وبكل ما هو أصيل. وأضيف أن حوصلة الإنتاج سنراها بعد انقضاء الشهر الفضيل، وسيكون هناك تقييم للنقاد والفنانين بعد الجمهور الذي سيكون هو أول النقاد، وأرجو من كل فنان شارك فيها، أن يرى نفسه في المرآة ويحكم عليها بعيدا عن الذاتية والإيمان بالأمور الافتراضية.نفهم من حديثك أنك لم تتلق أي عرض للمشاركة في الأعمال المبرمجة في رمضان؟ أقول إن عدم اقتراح أعمال على بعض الفنانين الذين لديهم حضور وحشمة فنية وثقافية، كانت مقصودة على حالي وعلى حال بعض الفنانين، وقصدوا الأسهل الذين لا يرفضون الأدوار، في الوقت الذي يخافون عرضها على بعض الفنانين القدامى الذين يضعون ألف حساب قبل تجسيد الدور، ولقد رفضت ولم أقدّم موافقتي على عرضين تم اقتراحهما واعتذرت بلباقة، ولا أخف عليك هناك إجهاض كبير في الساحة الفنية للأسماء التي أعطت أعمالا جزائرية وعربية بطريقة غير لائقة، وأصبحت غائبة هذه السنوات.تحوّلت من التمثيل نحو الإنتاج وتحدّثت عن مشاريع فنية ضخمة للتجسيد؟أولا وقبل كل شيء، كانت عندي مجموعة من الأحلام التي تقاسمتها مع الجمهور وحاولت توزيعها على الناس، لكنها كانت تتطلب إمكانيات كبيرة، وللأسف نحن في زمن أعمال “الساندويتش”، وهذه المشاريع لم تكدّس وإنما تنتظر أناس لديهم إمكانيات مادية وأفكار لإخراج هذه الأعمال. وقد كنت أريد الذهاب للإنتاج سنوات التسعينيات وتقديم أعمال للقنوات الوطنية، لكن نحن لا نملك ثقافة الإنتاج وفق شركات منتجة بحد ذاتها، هذه الأخيرة التي تكون لديها أموال، وهو ما جعلني أنفّذ إنتاجات فقط على حساب أفكارنا في اختيار الطاقم والعمل الذي يليق ويأخذ بعدها الشهرة.خضت تجربة عربية ناجحة وبعدها توقفت، لماذا؟ لقد ساعدتني التجربة العربية كثيرا، وجاءتني الرغبة في دخول كل أعمالنا للساحة العربية، لكنها لا تزال حبيسة المحلية، لم نفكر أبدا في تصدير أعمالنا للعالم العربي ولم نفعل شيئا لها،  ولا زلنا نركّز على الإنتاج المحلي القابل للاستهلاك الوطني والذي لا يقبل التسويق، وهذا المنطق لا ينفع الدراما التي من المفروض أن تسوّق صورة عن البلد. ومن جهة أخرى، فإن الأوضاع العربية الحالية الصعبة أثّرت كثيرا على الإنتاج الدرامي وتأثرنا بها، لكن سيكون إنتاج مشترك بانفتاح عربي سيعرض على التلفزيونات العربية.غيابك عن المسرح منذ 20 سنة ناتج عن عدم قدرتك على تقديم عمل يضاهي مونولوج “خباط كراعو”؟هو الخوف من الحفاظ على القمة والنجاح، وأعلمك أن “خباط كراعو” خلال الثماني سنوات الأولى  كان في الدرجة الأولى من النجاح، خاصة وأن رأي الجمهور والنقاد شهد على أنه عمل جديد ومميز، وأنتج في فترة كانت الجزائر تعيش قي بقعة كبيرة من الدم وفيه نوع من المقاومة للفنانين، وأصدقك القول إن الخوف من تقديم شيء في المستوى لا يزال يعيش معي منذ سنوات، لكن أنا خريج المسرح، والثقافة المسرحية تجعلك تفكّر طويلا قبل أن تقدّم أي عمل، وسيكون قريبا عمل هذه السنة في مسرحية بعنوان “أهلا جحا” سأكون فيها ممثلا ومخرجا، كما سيكون هناك عمل درامي “مونولوج” مع حميدة آيت الحاج.لم نرك في مدينتك التي احتضنت تظاهرة عربية على مدار السنة هل غبت أم غيّبت؟ قسنطينة مدينتي الغالية، أنا مقيم في العاصمة، لكن حامل لهويتي القسنطينية، لكن في تظاهرتها العربية لسنة 2015، لم أكن فيها من قريب أو من بعيد من صانع أو مساهم، وهو أمر لم أبح به لأحد رغم أنها تسبّبت لي في حالة نفسية سيئة جدا، لقد تمنيت أن أقدّم شيئا لمدينتي  وكانت لي الرغبة في ذلك، لكن تم إقصاءنا منها ولم يرد اسمي ولا في أي قائمة على مدار سنة كاملة، ورغم ذلك لم أضرب مدينتي في الظهر ووجدت أنه قدر الإقصاء المحتوم على معظم الفنانين أصحاب الأصالة، ووصلتنا رسالة  تقول لنا “لماذا تفعلون أشياء جميلة للفن”.         

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات