+ -

لقد منّ الله علينا بشهر رمضان تُضاعف فيه حسنات العاملين، وتُفتح فيه أبواب الخير للمجتهدين، ويُقبل النّاس على الطّاعات والقُربات، فهو موسم الاجتهاد في الطّاعة، وشهر الإكثار من العبادة، وهو محطّة للتزوّد من التّقوى، وفيه يكتشف المسلم طاقته على العبادة، ويُجدّد للمسلم نفَسَه، لذلك فإنّ من العبادات والأعمال الّتي يُحبّها الله عزّ وجلّ، والّتي يرُدّنا إليها رمضان ويُجدّدها فينا والّتي ينبغي أن لا يغفل عنها المسلمون هي الإقبال على القرآن الكريم، والتّواصل مع القرآن الكريم، فهو نعمة من الله عظيمة، ومنة منه سبحانه جليلة. لقد أمرنا الله تعالى بتلاوة كتابه في رمضان وغير رمضان، أمرنا أن نُقبل على القرآن الكريم في كلّ حين وآن، وعلى مدى الزّمان، بغير انقطاع أو توان، فالقرآن أنزل في رمضان ليُعمَل به في رمضان وغير رمضان، قال تعالى مخاطبًا نبيّه: {وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إلَيْكَ مِن كِتَابِ رَبِّكَ}، وقال جلّ وعلا: {وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ * وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ}، وأمر الله لنبيّه أمر للمؤمنين، قال تعالى: {كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ}، وقد مدح الله تعالى عباده الّذين يتلون آياته وأثنى عليهم ليقتدي بهم غيرهم، قال تعالى: {مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ}، كما وعد سُبحانه الّذين يشتغلون بكتاب الله وعدًا حسنًا فقال: {إنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ * لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ إنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ}، ولقد أمر النّبيّ الأمين والمصطفى الكريم عليه أفضل الصّلاة وأزكى التّسليم أمّته بتلاوة القرآن العظيم، فقال: “اقرؤوا القرآن فإنّه يجيء يوم القيامة شفيعًا لأصحابه” رواه مسلم.إنّ تلاوة القرآن الكريم من أهم أعمال المؤمن وأجلّ عباداته، والّتي لا ينبغي للمسلم أن يُقصّر فيها أو يتهاون معها، فإن قصّر أو فرّط فلا يكن تقصيره وتفريطه على الدّوام، وإنّما يكون عارضًا واستثناءً، فلا يكن اشتغاله بالقرآن في حدود شهر، وتضييعه في باقي الأشهر، إنّما يكون استمرارًا على مدار العام، ولهذا فإنّ أمام المسلم تجاه القرآن الكريم أنواع من الأعمال وأصناف من الأحوال، هي من حقوق القرآن وواجباته علينا، يفعل هذه تارة، ويعمل بهذه تارة، وبذلك يربط حياته بالقرآن ويرتبط القرآن به.ومن أهم واجباتنا نحو القرآن الكريم هو تلاوته وقراءته والإقبال عليه، وهذه من أهم صفات المؤمن، فقد ذكر النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم المؤمن والمنافق وفرّق بينهما بالقرآن الكريم، فعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “مثل المؤمن الّذي يقرأ القرآن مثل الأترُجَّة: ريحها طيّب وطعمها طيّب، ومثل المؤمن الّذي لا يقرأ القرآن كمثل التّمرة: لا ريح لها وطعمها حلوٌ، ومثل المنافق الّذي يقرأ القرآن كمثل الرّيحان: ريحها طيّب وطعمها مُرّ، ومثل المنافق الّذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة: ليس لها ريح وطعمها مُرّ” رواه البخاري ومسلم، فينبغي أن يكون للمسلم وِرد من القرآن كلّ يوم، ولا يمرّ عليه يوم إلاّ وينظر في مصحفه.إمام مسجد الرّحمان - براقي

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات