+ -

 خرجت رؤوس الكفار من مكّة لئلاّ ينظروا إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وإلى أصحابه رضي الله عنهم، غيظًا وحنقًا، وأمّا بقيّة أهل مكّة من الرّجال والنّساء والولدان فجلسوا في الطّرق وعلى البيوت ينظرون إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه، فدخلها صلّى الله عليه وسلّم وبين يديه أصحابه الكرام يُلَبُّون، والهدي قد بعثه إلى ذي طوى، وهو راكب على ناقته القصوى الّتي كان يركبها يوم الحُديبية، وعبد الله بن رواحة الأنصاري آخذ بزمام النّاقة يقودها.دخلها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بعشرة آلاف مقاتل خاشعًا لله متواضعًا لربّه شاكرًا له نعمته، ثمّ عفا مطلقًا عن كلّ أولئك الّذين قاتلوه وأخرجوه من أعزّ البقاع عنده. وهكذا صدقت رؤيا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وتحقّق وعد الله.ثمّ كان الفتح في العام الّذي يليه وظهر دين الله في مكة، ثمّ ظهر في الجزيرة العربية كلّها بعد، وتحقّق وعد الله وبُشراه الأخيرة حيث يقول تعالى عنها: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللهِ شَهِيدًا}.ولقد ظهر دين الحقّ لا في الجزيرة وحدها بل ظهر في المعمورة من الأرض كلّها قبل مضي نصف قرن من الزّمان. ظهر في إمبراطورية كِسرى كلّها وفي قسم كبير من إمبراطورية قيصر الروم، وظهر في الهند وفي الصين ثمّ في جنوب آسيا في الملايو وفي جزر الهند الشّرقية (إندونيسيا). وكان هذا هو معظم المعمورة من الأرض في القرن السادس ومنتصف القرن السابع الميلادي.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات