+ -

 ما شتّت شمل المسلمين وأرث بينهم العداوة والبغضاء، إلاّ قدح بعضهم في أمانة بعض، في الإمامة والشّهادة، وهما حجر الأساس في بناء الإخوة الإسلامية، لأنّ الإمامة من دعائم الدّين، ولأنّ الشّهادة من مقاطع الحقوق في الدّنيا.تعمل جمعية العلماء هذه الأعمال وتعدّها من أهم الوسائل لجمح كلمة المسلمين، لأنّ الخلاف كلّه شرّ، وشرّه ما كان في الدّين وأشعنه ما اتّصل بالعامة وآثر فيها التعصّب الباطل. فإنّ الخلاف في العلميات مقصور على العلماء محصور منهم في دائرة ضيّقة فلا تظهر آثاره ولا أعراضه في العامة، أمّا الخلاف في الصّوم والعيد وما جرى مجراه فإنّه يسري في العامة فيتناولونه بعقولهم الضيّقة فلا يثير إلاّ التّشنيع والتّعصّب والعداوة.أضاع المسلمون بهذا الخلاف كلّ ما في الأعياد من جلال روحي ومعان دينية واجتماعية، وأصبحت أعيادنا تمرّ وكأنّها مآتم. لا تنبّه في النّفوس سموًا ولا تشيّع فيها ‏ابتهاجًا، ولا تثير فيها حركة إلى جديده، ولا سعيًا إلى مفيد، ولم يبق فيها إلاّ معان ثانوية مغسولة فاترة تظهر في هذه الصّغائر من ترفيه تقليدي على الصّبيان أو توسعة شهوانية على العيال، أو تزاور منافق يتولّاه اللّسان ولا يتولّاه القلب، وقد يلتقي الأخوان أو الصّديقان أو ‏الجاران، وأحدهما مفطر والآخر صائم.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات