+ -

كثيرًا ما نقرأ أو نسمع هذا النّداء، الموجه إلينا، إلى كل واحد من أهل الايمان “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا”، وهو النداء الحبيب، أو نداء الحبيب للحبيب، نداء الله سبحانه إلى عبده، الذي دخل مع ربّه في عقد الإيمان، وعهد الإسلام، نداء للمؤانسة والملاطفة، وهو نداء المدح، إذ وصفت أشرف ما يربط العبد بربه وهو الإيمان والتصديق، والاعتراف والتحقيق..وباعتبار أنّ هذا النداء ما نزل إلاّ في المدينة غالبًا، وهي مدينة الحبّ ومنبعه، وكيف لا وهي مهاجر رسول الله الحبيب ومدفنه، حيث أحبه فيها كل شيء حتى الجذع النابت، وجبل أحد الثابت، حتى يعين أهل الايمان على ما يأتي بعد هذا النداء، إذ يقول علماء القرآن: “ما جاء بعد “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا” إلا أمر أو نهي”، أي فعل أو ترك، فكان يفترض أن ينفر العبد إلى ربّه ويجيب مناديه بنداء المؤالفة، فلم الصدود والمخالفة..وما أعجب القرآن حين يكون العتاب في أقصاه، والاستنكار قد بلغ مداه، إلا أن نداء الحبيب يتكرر، يقول الله تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ” الصف:2-3، فكأنه ينشد فيك المحبة والوّد، إذ لا يؤمن إلا من عرف، ومن عرف اغترف، فيا أيّها الذين آمنوا، أجيبوا داعي الله.ولنكن مثل سلفنا الصالح حين يتلى عليهم القرآن يُقبلون إليه، ويعكفون عليه، وحالهم، كما قال الحسن البصري: “إن من كان قبلكم رأوا القرآن رسائل من ربهم فكانوا يتدبّرونها بالليل ويعملون بها في النهار”، ورضي الله عن عبد الله بن مسعود حين قال: “إذا سمعت الله يقول: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا”، فأصغ لها سمعك، فإنه خير تؤمر به أو شر تنهى عنه”.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات