+ -

 لم يسبق أن صادفت السوق الجزائرية أزمة يد عاملة مؤهلة أو غير مؤهلة في السنوات الأخيرة مثل التي تصادفها مؤخرا، ما جعل مقاولين وتجار جملة وتجزئة وأصحاب المقاهي والمحلات التجارية يطلبون من الوزير الأول تسهيل عملية جلب يد عاملة أجنبية تزيح عنهم متاعب البحث عن عامل أو مجموعة عمال.انتقل فيروس الكسل والخمول وعدم الرغبة في العمل من قطاعات الفلاحة والبناء والأشغال العمومية، بحكم أن العمل بها شاق ومتعب وهي القطاعات التي كان عدد العمال وصل بها في وقت سابق إلى 3 ملايين عامل،وهي القطاعات التي تفقد مصداقيتها بوجود عمال من أبناء الوطن، حيث تحولت الورشات والمزارع إلى قبلة للأفارقة والسوريين الذين يمتهنون الفلاحة عن البناء والأشغال العمومية، انتقلت العدوى إلى مجال التجارة، برفض العمل في المحلات التجارية العادية كالمقاهي، ومقاهي الإنترنت، وأروقة التسوق التجارية، ومحلات الألبسة، وبيع الهواتف الذكية. لقد أصبح البحث عن عامل لمقهى أو محل تجاري كمن يبحث عن من يمنحه قليلا من دم لمريض يرقد في المستشفى، وهو أمر أصبح لا يطاق مثلما يقول محمد صاحب مقهى بحي الشهداء في مدينة باتنة، والذي لم يفهم لماذا أصبح الشباب لا يفضلون العمل في المقاهي وأروقة التسوق وغيرها من المحلات، والسبب حسبه غير مفهوم، فكثير من الشباب عمل لديه وغادر مباشرة بعد حصوله على الأجرة الشهرية التي يعتقد أنها متناسبة مع الحجم الساعي.ويشير فاتح، وهو صاحب محل بيع البيتزا بحي النصر في المدينة، أن هناك أزمة يد عاملة حقيقية وفي تفاقم، ما سيؤثر حتما على الجانبين التجاري والخدماتي، حيث يؤكد أن هناك من فضلوا غلق محلاتهم التجارية والتوجه إلى نشاطات أخرى كمؤسسات “طاكسي راديو” التي باتت تستهوي عددا من الشباب، بغية تفادي معضلة البحث عن عامل من يوم لآخر أو من شهر لآخر، رغم اعترافه بأنه ليس الحل الأمثل، طالما أن العدوى انتقلت إلى كل الجوانب وتأثيراتها تتزايد من سنة لأخرى، ما يجعل قرار استيراد يد عاملة أجنبية وفق إطار قانوني من الحلول التي يجب أن تنظر لها الحكومة والوزير الأول نظرة جادة.أما لزهر صاحب محل “بزالة شوب”، أحد أكبر أروقة التسوق بمدينة حملة السكنية، فقد اعتبر أنه لا شيء يتعبه في تفكيره اليومي مثل قضية العامل الذي أصبح ينتهج معه سياسة تلبية طلباته بغية الاحتفاظ به، خاصة العمال الذين يجد أنهم محل ثقة وأن الزبائن يفضلون التعامل معهم، وهو يحاول قدر المستطاع أن لا يضيعهم، بعد أن واجهته مشاكل كثيرة في هذا الإطار، واضطر للعمل في أروقته شهورا وشهورا في زوايا مختلفة داخل أروقته.هذه الشهادات التي أدلى بها عدد من التجار بباتنة يوجد تتكرر في مختلف أنحاء الوطن، وهذا كله راجع إلى السياسات الخاطئة التي انتُهجت في مجال منح القروض “أنساج”، والتي أخرجت الشاب العادي من دائرة البحث عن عمل يومي إلى دائرة التجول يوميا بشاحنات ومركبات في الشوارع بقروض يعجز فيما بعد عن تسديدها، وقد تكلفه السجن.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات