كان السكان ينزعون الأبواب حتى يسهل دخول الصائم دون استئذان 

+ -

حي يحياوي أو “حي طانجة”، كما يسمى في سطيف، هو أكبر حي شعبي في المدينة ويحتل مساحة معتبرة، يتواجد في الجزء الشمالي الشرقي، ويتكون من ثلاثة شوارع رئيسية متفرقة وهي الشارع القديم، الشارع المركزي والشارع الشرقي، الحقائق التاريخية تؤكد على أن نشأة الحي كانت لظروف أمنية بحتة، حيث وضع الفرنسيون هذا الحي من أجل إبعادهم قدر الإمكان عن أحيائهم الفرنسية، زيادة على إمكانية مراقبة التغييرات التي تحدث في هذا الحي من حيث تواجد الثوار والفدائيين وغيرها.لم تكن فرنسا تعلم آنذاك أنها أسّست لنظام تكافل اجتماعي فريد من نوعه في سطيف، فصار الحي قديما وخاصة في شهر رمضان منبعا حقيقيا لتوزيع الإعانات التي كانت جبهة التحرير تأمر بها، وصار حي طانجة يعرف بالدار الكبيرة، فقبيل شهر رمضان يتم ذبح الكثير من الخرفان والعجول لتوزّع  بالتساوي بين كل السكان. والغريب في الأمر، أن العائلات لن تعرف لذة رمضان دون هذه الكمية من اللحم التي تصلها قبل يوم فقط من دخول شهر رمضان. حي طنجة وعيون مدينة سطيف من عين الفوارة إلى عين الدروج وعين البرانية، وعين الزوالية وعين الزوايل، إلى العين الكحلة وعين الزمالة وعين الغاسولة، وعين مورو وعين بوعروة وعين سبايس، وعين المزابي وعين الشلايڤ وعين السوق، وعين الشقة وعين الموس وعين الدوك وغيرها من العيون القديمة لمدينة سطيف، كانت تخلق الاستثناء في شهر رمضان، فالكل كان يحب أن يضع قارورات من الفخار أمام الباب مغطاة بنوع من الأغطية يعرف “بالخيشة”،  من أجل المحافظة على برودتها وتيمّنا بعيون مدينة سطيف التي لن يعطش فيها أحد خاصة في رمضان.  الآن وقد رحل عن الحي شيوخه وعجائزه، مثل عمي الطاهر، عمي لعبيدي، عمي عمر العسكري، وعمي صالح القط، وغيرهم كثيرون، فيما انتقل البقية إلى أحياء أخرى، ظل الحي يتذكر تلك التقاليد فقط، وصار الجميع يوصد أبوابه خوفا من زوار الشهر الفضيل، شباب بالحي لا يتذكرون هؤلاء، همهم الوحيد هو المقهي ونوادي الانترنيت، فصدق المرحوم سمير سطايفي الذي قال في إحدى أغانيه الرائعة “وينك يا عين الفوارة وين لحباب ولاد سطيف”.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: