+ -

 يا عيد.. يصفك المسلمون بالسّعيد والمبارك، ويستقبلونك بالبشر والطّلاقة، ويتبادلون فيك التّهاني والأدعية بطول الأعمار وبلوغ الآمال، فهل شاموا في مخائلك ما كان لهم حقيقة في أوائلك؟ أم هو تقليد وتصوّر بليد وضلال بعيد أم هو استرسال مع الفال، واتّباع عكسي للأبطال؟ولو عقلوا لعقدوا فيك المناحات على سوء حالهم وفقدوا استقلالهم، أأعراس في المآتم وقربات في المآثم؟ فمعذرة يا عيد إذا خرجنا عن مألوفهم، وتنكّرنا لمعروفهم، وقابلناك بالتجهّم والعبوس، فرأينا فيك أنّك قطعة من الزّمن تمرّ، لا تنفع ولا تضرّ، ولا تحزن ولا تسرّ، وإنّما عظّم الله من قدرك وأوجب علينا من حقّك، لعظم أعمالنا فيك وفي الشّهر الّذي قبلك وفي جميع الشّهور الّتي سبقتكما، حتّى إذا حللتَ جميلاً بالطيّبات تجمّل بك الطيّبون والطيّبات، ورأينا أنّ العمل في اليوم هو بعض معناه…؟فإذا خلا من العمل خلا من المعنى، وما أخليت نفسك يا عيد ولكنّنا أخليناك، وما ظلمتنا ولكنّنا ظلمناك، وما عبتنا ولكنّنا عبناك، ولكأنّ القائل عنانًا وعناك:نعيب زماننا والعيب فينا                          وما لزماننا عيب سواناومعذرة يا عيد، فلو حللت بوادينا والنّفوس مطمئنة، والإسلام الّذي أعلى يومك وأغلى سومك مرفوع الرّأس، والعروبة الّتي كانت تفهم معناك وتعمر مغناك شديدة البأس، والمسلمون كلمتهم مسموعة ومجموعة، وقد تعارفوا فتآلفوا فتحالفوا على الصّالحات، وفلسطين الّتي كانت تستجلى محياك وتنتعش برياك موصولة الأسباب بأوطانك، مصر قد بلغت الأرب في زعامة العرب فقادتهم إلى السّعادة والسّيادة، والأزهر أصبح منبع هداية كما كان في البداية، والجزائر وتونس ومراكش قد استقلّت، وفرنسا قد ألقت ما فيهنّ وتخلّت، وأفغان وباكستان متآخيتان لم تنجم بينهما ناجمة الشرّ، ولم يلزمها من شيطان الاستعمار نزر، واليمن قد جمعت سواحلها وأنهضت إلى العلم والعدل رواحلها، والعراق قد راجع البصيرة فرجع إلى الحظيرة.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات