إصلاح جزئي لنظام التقاعد في انتظار قانون العمل

+ -

توّج مسار إصلاح نظام التقاعد بوضع قانون سيدخل الخدمة مطلع سنة 2017، وسيتم اعتماد هذا التشريع في الدورة البرلمانية المقرر أن تفتتح في سبتمبر المقبل. ويشكل التشريع الجديد الحد الأدنى من الاتفاق بين أرباب العمل والحكومة والمركزية النقابية، بعد مفاوضات شاقة بين هذه الأطراف، وتمكنت الحكومة في الأخير من وضع هذه الأرضية التي ترضي جزئيا طرفي النزاع، وخصوصا المركزية النقابية، مستخدمة ورقة الصعوبات المالية. يشعر أرباب العمل بالرضا، فقد حققوا تقدما في تخفيف التشريعات الحالية التي تخدم المستخدمين، والتي يقولون إنها تفرض عليهم أعباء اجتماعية كثيرة، فيما تشعر المركزية النقابية التي تشارك في تسيير صناديق الضمان الاجتماعي والتقاعد، بشيء من الفخر، رغم اعتراضها على خطط الإصلاح. أما الحكومة فتمكنت مؤقتا من احتواء أزمة اجتماعية في انتظار الدخول الاجتماعي والسياسي في سبتمبر المقبل.ووظفت الحكومة بنجاح خطاب الخوف على الاستقرار المالي لمنظومة التقاعد، لتسويق التعديلات الجديدة التي تعتبر بداية لمسار إعادة النظر في المكتسبات الاجتماعية التي تعد من الأحسن في المنطقة العربية، لصد الاتهامات الموجهة إليها بأنها أصبحت إدارة في يد أرباب العمل الذين يطالبون بإجراءات أكثر مرونة في مجال الحماية الاجتماعية والتشغيل والضرائب.وتستخدم السلطة منذ سنوات خطاب التخويف لتمرير سياسات اقتصادية وإعادة النظر في كثير من المكتسبات، وينتظر أن تكتمل بعملية إعادة النظر في قانون العمل وقانون الصحة، ولا يعرف إن كانت الإصلاحات الجديدة ستعيد الاستقرار لصندوق التقاعد، في غياب سياسة متكاملة للحماية الاجتماعية تضمن رفع عدد المشتركين في نظام الحماية الاجتماعية ووضع حد للتبذير، وفتح مناصب عمل جديدة.ويعتبر الدخول الاجتماعي المقبل موعدا لكل المخاطر في ظل تهديد النقابات المستقلة بشل المؤسسات التربوية على وجه الخصوص، في حال عدم تعجيل الحكومة بتقديم تنازلات عبر إدراج فئات واسعة ضمن قائمة المهن الشاقة.وتجد الحكومة نفسها مضطرة لتقديم تنازلات، فعام 2017 الذي سيشهد بدء العمل بالإصلاحات الجديدة، يعتبر موعدا انتخابيا بامتياز، حيث تضم الأجندة انتخاب أعضاء المجلس الشعبي الوطني في ماي والمحلية في نوفمبر 2017، وبدء الإعداد للانتخابات الرئاسية التي ستتم في 2019، في ظل الحديث عن إمكانية تنظيم هذه الانتخابات في السنة ذاتها.وتخشى بعض أحزاب الموالاة أن يؤدي التخلي كليا عن المزايا التي يمنحها نظام التقاعد إلى إضعاف حظوظ أحزاب الموالاة في الانتخابات المقبلة، وخدمة أحزاب المعارضة المقرر أن تستغل تقديم نص القانون في الدورة المقبلة للبرلمان لأجل إطلاق حملة انتخابية مسبقة. وعلى هذا الأساس فمن غير المستبعد أن تقبل الحكومة بتعديلات على القانون يقترحها النواب عليها، ومنح الأغلبية أوراقا انتخابية توظفها في الانتخابات المقبلة.وإذا كان تم الإبقاء على بعض أهم المكتسبات في نظام التقاعد، تبقى حقوق العمال والموظفين مهددة في ظل توجه السلطات وتحت تأثير قطاع من أرباب العمل لتحرير تشريعات العمل، وإضفاء مرونة أكبر عليها، من خلال إعادة النظر في قانون العمل الحالي زيادة عن قانون الصحة.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: