منجميو تبسة يرفضون التنازل عن التقاعد النسبي في أشغالهم الشاقة

+ -

 “... صداع التفجيرات وغبار أكوام المواد الأولية، من الحديد والفوسفات وكل ملوثات الجو تترسب في صدورنا ونعمل في مهنة الأشغال الشاقة، دون أن يتم تجديد المعدات، ونرفض التنازل عن مكتسبات التقاعد المسبق، وسنخرج إلى الشارع للدفاع عن حقوقنا...”.بهذه العبارات تحدث بعض منجميي ولاية تبسة، العاملين في استخراج المواد الخام للحديد والفوسفات في جبل العنق ببئر العاتر وونزة وبوخضرة، كرد فعل على قرار مجلس الوزراء بإلغاء التقاعد النسبي، في ظل تكرار أسئلة متعددة من قبيل “ماذا حصدنا من مسيرة مهنية تجاوزت 37 سنة في بعض الوضعيات؟ إلا مرض السيليكوز، الذي نصارع معه الموت البطيء، حتى بعد التقاعد”.هذا الكلام بلّغنا به عمي عباس، متقاعد من منجم ونزة الذي يقول إنه “يعاني من انسداد في حويصلات الرئتين وستتواصل معاناتي، إلى أن أدفن تحت التراب، ولم تحظ مدننا بتنمية في مستوى ما تدره على خزينة الدولة، من موارد مالية بالعملة الصعبة”. ويروي عمي عباس لـ”الخبر”، قساوة عمله فيقول: “قضيت 37 سنة بين أكوام ومغارات المنجم، والنهاية مصارعة مرض السيليكوز. التحقت بالعمل في المنجم عام 1957 وعدة مآس وحوادث قاتلة لعمال المناجم كنت شاهدا عليها، لاسيما مع أولئك الذين يتعاملون مباشرة مع الصخور الجبلية والتفجيرات ورحي الصخور، وتنقيتها، فهذا زميل لي يدعى فرطاس محمد انهارت عليه أكوام الصخور تحت عربة نقل المواد الأولية، وظلت فرق البحث تبحث عنه من المساء إلى غاية عصر اليوم الموالي. وتم انتشاله جثة هامدة من تحت الأتربة والصخور. وآخر يفقد عضوا من جسده وعشرات الضحايا. ونهاية هذه الرحلة من المسار المهني الطويل انتهت بإصابات بمرض السيليكوز”.ويسترجع عمي عباس الذاكرة لعشرات الحوادث الأليمة والمحزنة لعمال المناجم.وأجمع عمال منجم ونزة، شمالي مدينة تبسة، ممن التقت بهم “الخبر”، على أن معاناة العامل المنجمي سواء أعوان أمن أو أولئك الذين يدخلون دهاليز المغارات، وتعاملوا معها في بدايات العمل المنجمي ونقلها حتى بـ”القفة”، وفرزها يدويا، أنه بالرغم من التطورات التقنية في العصر الحديث، لم يتم تجديد الآليات، ودمرت الشراكة الأجنبية كل شيء، وبقي المنجمي يصارع الأعمال الشاقة منذ رحيل الرئيس الراحل هواري بومدين.ونحن نتجول في محيط المنجم، وقفنا على تواجد آلة عمل تموقعت في وسط محيط أكوام المواد الأولية المعدة للتصدير، أو النقل نحو مركب الحجار. وقال عنها بعض العمال إنها آلة رحي تسببت في مصرع العديد من عمال المنجم، بالنظر لتعقيدات التعامل معها. من جهة أخرى انتقد أعوان الأمن استغلال عرقهم بأجور زهيدة، لاسيما بعد فصلهم من مؤسسة المنجم وتحويلهم كعمال متعاقدين في مؤسسات الحراسة الخاصة، التي تهضم حقوقهم دون اتخاذ قرارات بترسيمهم، فحتى العديد من الحركات الاحتجاجية لم تجد آذانا صاغية لرفع الأجور وتحسين الوضعية الاجتماعية، ووجهوا نداء عبر “الخبر” إلى الرئيس بوتفليقة بأنه لا يجب أن يحرم عمال المناجم من التقاعد النسبي، بل إنه حان الوقت للتفكير أثناء تعديل القانون لتبني إجراءات خاصة تأخذ بعين الاعتبار العمر الإنتاجي، لعمال المناجم في ظل هذه الأخطار المهنية الملازمة لدهاليز الموت.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: