الحرڤة: لا قانون يردع ولا سجن ينفع

+ -

تعرف ظاهرة الحرڤة هذه الأيام في السواحل الجزائرية حالة انتعاش كبيرة، وكثيرا ما ينحج المغامرون في البحث عن “جنة الحياة الأفضل” في التنقل إلى الضفة الأخرى،غير آبهين بمخاطر احتمال الغرق والتحول إلى “طعام للأسماك” تارة أو الوقوع في يد العدالة. فرغم الطوق الرقابي الذي تفرضه وحدات حرس السواحل عبر مختلف المناطق والمنافذ البحرية، وأيضا رغم الترسانة القانونية التي وضعت لمحاربة “الحرڤة”، إلا أن الظاهرة تزداد استفحالا ولم يعد منفذوها من الشباب فقط، بل من مختلف الأعمار ومن الجنسين، بل أيضا من مختلف المستويات الاجتماعية.الصيف واللاجئون والأزمة والتقشف وراء عودة الظاهرةتعددت الأسباب و”الحرڤة” واحدة لم يعد وحده الصيف الذي تهدأ فيه أمواج البحر، الدافع الوحيد لهجرة الجزائريين بطريقة غير شرعية نحو أوروبا، فقد تغيرت الظروف في بلادنا مع تفاقم الأزمة المالية الناتجة عن تهاوي أسعار البترول. فالشباب الجزائري الذي فقد الأمل في حكامه، أصبح مدركا أكثر من أي وقت مضى أن “مقاومة” الأزمة من طرف سلطات بلده، تقريبا شبه مستحيلة، وبالتالي بقاؤه فيها يعتبر “انتحارا”. ومن هنا لابد أن تتحرك الحكومة لمعالجة ظاهرة “الحرڤة”.اجتمعت عوامل كثيرة على الشباب الجزائري، الذي يعبر في وسائل الإعلام الجزائرية عن بلوغه درجة كبيرة من اليأس، تدفعه إلى ركوب قوارب الموت “بحثا عن السعادة”، حسبهم. ففصل الصيف يعد الفرصة السانحة لهدوء أمواج البحر وانشغال الجميع، مسؤولين ومواطنين بالعطلة، فيكون بلوغ الضفة الأخرى في أمان وسلامة مضمونا بدرجة كبيرة، أما العامل الآخر وهو الأزمة المالية التي تتخبط فيها الجزائر، وما نتج عنها من طرف الحكومة بفرضها إجراءات تقشف شديدة، فهي الفرصة الأكبر بالنسبة للمجازفين بحياتهم.فقد زاد اليأس لدى الشباب الجزائري الذي يبحث عن عمل وسكن، درجة كبيرة في فترة الأزمة أكثر مما كان قبلها.فهؤلاء يعتقدون أن “الدولة” التي كانت تتمتع ببحبوحة مالية خيالية، لم تقدم لهم إلا قليلا يتمتعون به لعيش “حياة كريمة وهادئة”، فما بالك في وقت تشتكي الحكومة من نفاد خزائنها، وهرعها إلى سياسة شد الحزام التي تسميها “ترشيد النفقات”، فمنسوب الأمل في هذه الحالة ينخفض إلى درجات الصفر، خصوصا مع إعلان توقف كل المشاريع الحيوية وتجميد التوظيف والتعيينات.وعادت “الحرڤة” في الجزائر أيضا بفعل تفاقم عدد اللاجئين المتوافدين عليها، خصوصا منهم الأفارقة والسوريين، الذين جعلوا من الجزائر مركز عبور آمنا، ولقربها من الضفة الشمالية عبر إيطاليا وإسبانيا وفرنسا، أو للأسف لامتلاك الجزائريين خبرة و”سمعة” في تهريب المهاجرين بطريقة غير شرعية.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: