38serv

+ -

تحولت أعراس العائلات الجزائرية خلال السنوات الأخيرة على وجه التحديد إلى مواعيد مفضلة لتفريغ الشحنات والجهر بكل ما كان يجول في خواطر الشباب من الجنسين وحتى الكهول والشيوخ، إلى درجة بات فيها أي موعد ارتباط لدى العائلتين المعنيتين بالحدث يتحول إلى فرصة لإحداث الضوضاء وإطلاق العنان للإفراج عن شتى المكبوتات بغض النظر عن ما تمثله كل التصرفات الناتجة عن ذلك من إزعاج للمواطنين عامة وللجيران على وجه التحديد، خاصة في حال التوصل إلى إجماع يقضي بإقامة الاحتفال وسط أسوار المقر السكني العائلي.تبدأ وتيرة معاناة الجيران مع “الوضع الاستثنائي الجديد” في الارتفاع بشكل مذهل مع اقتراب عقارب الساعة من اليوم الموعود، إلى درجة باتت تدفع بفئة من ميسوري الحال من قاطني السكنات المجاورة إلى “هجرة ظرفية” أو برمجة سفرية قصيرة الأمد هروبا من الإزعاج المفرط، الأمر الذي لا ينطبق على الفئة الأخرى التي عادة ما تستسلم للأمر الواقع لتعايش صخبا جنونيا وواقعا مفروضا بعيدا عن أجواء الحياة المألوفة.فرحة وقودها النيرانففي العاصمة أصبحت حفلات الزفاف لا تكتمل دون تفجير “أرمادة” من الألعاب النارية بمختلف أنواعها ومسميّاتها، دون مراعاة ما تحدثه من إزعاج للسكان الذين تقض مضجعهم وتزعج مريضهم وكبيرهم وترعب صغارهم، ولا يهدأ دويها إلا مع الساعات الأولى من الصباح، ناهيك عن ما تسببه من مآس وحوادث بسبب شظاياها التي كثيرا ما تنفجر في أيدي أصحابها.ولا يكتفي هؤلاء بـ”القنابل” التي يفجرون للتعبير عن فرحتهم، مع الموسيقى الصاخبة التي لا تتوقف، بل يمتد الإزعاج إلى الطريق العام، إذ يحتكرون الطريق العام بمواكب الزفاف التي كثيرا ما تغلق الطريق مسببة الزحام أمام أنظار مصالح الأمن التي تقف مكتوفة الأيدي أمام شباب يعبرون عن فرحتهم بطريقتهم على حساب الآخرين، إذ يعمدون للتوقف في الطريق والرقص دون مراعاة للسائقين الآخرين أو الحالات الطارئة، فيطلقون العنان لفرحتهم ولا يتحركون إلا بعد أن ينتهوا من تفريغ شحنتهم.وليت الأمر توقف على الرقص والغناء في الطريق العام، بل برزت موضة جديدة في السنتين الأخيرتين، وبالأحرى تقليد قديم عاد للظهور من جديد، وهو الاستعانة بالخيالة لمرافقة سيارات العروس التي تسير ببطء شديد لتساير “تمايل وتبختر” الفرس، وأين.. في الطريق السريع.عراك بسبب الموسيقى الصاخبةأما في مدينة سيدي بلعباس، فكثيرا ما تشهد الأعراس مشاحنات وعراكا بسبب عدم التزام المحتفلين بجملة من الأمور التي يفرضها المحيط المحافظ، على غرار تحديد موعد لإنهاء الصخب الموسيقي المرافق للأعراس وحتى ضرورة التقيد بنظافة المحيط، وذلك من دون الحديث عن الأساليب غير الأخلاقية المنتهجة من قبل فئة من المحتفلين كاحتساء الخمور في الطريق العام.ويمتد الإزعاج إلى إرهاق كاهل أعوان شرطة المرور، في ظل ما باتت تتسبب فيه مواكب الأعراس من شل للحركة المرورية وتصرفات “صبيانية وبهلوانية” تشكل في حد ذاتها خطرا على أصحابها على غرار ما بات يحدث مع التجاوز الاستعراضي للمركبات وسط الطريق العام والسرعة المفرطة المستعملة من قبل السائقين، ناهيك عن بعض “المناورات الخطيرة” واستعراض الشبان الجنوني للسيارات الفخمة.وتمتد مظاهر الإزعاج إلى الموسيقى المدعمة بمكبرات الصوت، إلى جانب حضور الفرق الفلكلورية أو ما يصطلح عليه في الغرب الجزائري بفرق “القرقابو” الذي أصبح أمرا مفروغا منه من دون نسيان اقتناء المحتفلين كميات معتبرة من الألعاب النارية، وهي معطيات “تزلزل” مسرح العرس إن حضرت مجتمعة، ما يترتب عنه صخب كبير يتطلب الصبر والتحكم في النفس من الجيران والمحيطين بالفضاء المعني بتلك الاحتفالات.دراجات نارية وسكر علني وسرقاتوفي قسنطينة، تغيرت مظاهر الأعراس التي كثيرا ما تنتهي بحوادث مأساوية بسبب الإصابات من جهة، واستغلال اللصوص الصخب للسرقة.وقد سبق أن قدم العديد من المواطنين شكاوى لدى مصالح الأمن، بسبب الإزعاج الذي تخلقه الأعراس، وهذا راجع لصوت الغناء المرتفع وهتافات الشباب مع أغان تكون خارجة عن أخلاقيات الآداب إلى الساعات الأولى من الصباح، وتكون أحيانا فضاء وفرصة لشرب الخمر.كما أن الدراجات النارية التي أصبحت تتقدم مواكب الأعراس هي الأخرى أضحت مصدرا للخطر بفعل السرعة التي تتجاوز المعقول، حيث لا تراعي تواجد المارة أو سيارات أخرى في الطريق حتى وسط الأحياء الحضرية، وتجبر السيارات الأخرى المتواجدة في ذات الموكب على زيادة سرعتها والتسابق في مسارات أضحت رالي للسباق.وقد تأسف قاطنو قسنطينة على استبدال فرق المالوف والعيساوة التي كانت تغني بطريقة حضارية وهادئة تسعد الحاضرين وتحترم أوقات الغناء والصمت، بـ”دي. جي” التي تسمع على بعد كيلومترات وكأن الموسيقى موجودة في المنازل، دون مراعاة خصوصية الآخرين. كما أن بعض العائلات ودون أخذ موافقة الجيران وسكان الحي، تغلق كل منافذ ومداخل المنازل وتستحوذ على مساحات كبيرة من أجل تنظيم وليمة العرس، حيث يرقص المدعوون تحت أنغام الموسيقى لساعات طويلة تصاحبها هتافات وصراخ.    

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: