التراث والمعالم الأثرية أول ضحايا التقشف

38serv

+ -

يتخوف المهتمون بقطاع التراث والمعالم الأثرية من تبعات سياسة التقشف الحكومية، خاصة بعد إجراءات حلّ بعض المؤسسات بدمجها مع أخرى، وإلغاء بعض التظاهرات الثقافية من طرف وزارة الثقافة، مطالبين بعدم التضحية بقطاع يتعلق بالهوية الوطنية على مذبح ترشيد النفقات. قرّرت وزارة الثقافة تطبيقا لتعليمات الحكومة اقتطاع 50 في المائة من ميزانيات كل المديريات والهيئات التابعة لها، من بينها ديوان تسيير واستغلال الممتلكات الثقافية المحمية، الذي ستتقلص ميزانيته من 80 إلى 40 مليار سنتيم، على غرار كل الهيئات الأخرى، علما بأن كتلة أجور عمال الديوان تبلغ 70 مليار سنتيم. تجسيد القرار على أرض الواقع، حسب العارفين والخبراء في هذا المجال، يعني بالمختصر التقليص من عدد العمال، وفي مقدمتهم عمال حراسة المعالم الأثرية والممتلكات المحمية على المستوى الوطني، وبالتالي ترك هذه المواقع عرضة لأعمال التخريب ومافيا المتاجرة بالأدوات الثقافية والذاكرة الوطنية للمجتمع، بالإضافة إلى التراجع على كل الانجازات المحققة في السنوات الأخيرة في مجال ترميم وحماية الممتلكات الثقافية المحمية.وفي خضم احتدام النقاش حول أولويات وزارة الثقافة في ظل تراجع الميزانية، يرافع المهتمون بالقطاع لصالح استمرارية الجهود المبذولة لحماية وترميم المعالم الأثرية بالنظر للطابع السيادي لقضية مرتبطة ارتباطا وثيقا بالهوية الوطنية، حيث أبدّوا في السياق ذاته تحفظاتهم من بعض الإجراءات المزمع اتخاذها من طرف وزارة الثقافة، من قبيل استرجاع الأغلفة المالية المرصودة لبعض مشاريع الترميم، والمقدرة بقرابة 100 مليار سنتيم لصرفها في مشاريع أخرى، أو إعادة النظر في بعض مهام ديوان تسيير واستغلال الممتلكات الثقافية المحمية، ومنحها لهيئات أخرى. ويعتبرون بأن نزع مهمة الإشراف على المشاريع بالتفويض من الديوان، هو حرمانه من مورد هام من المداخيل المالية، في وقت هو بأمس الحاجة لهذه الموارد لتعويض الاقتطاعات في الميزانية والسنين العجاف، زيادة على منعه من استثمار وتثمين الخبرة البشرية المكتسبة في مجال الترميم وحماية المعالم الأثرية، عوض اللجوء إلى شركاء ومكاتب دراسات أجنبية بالعملة الصعبة.يبقى مصير المعالم الأثرية التي تمثل الذاكرة الوطنية الحية، مرهونا بنوعية القرارات المستقبلية التي سيتخذها وزير الثقافة عز الديـن ميهوبي في إطار إعادة تنظيم القطاع، مع الأخذ بعين الاعتبار ضرورة تثمين وحماية المكتسبات المحققة في مجال حماية المواقع الأثرية والحفاظ عليها للأجيال القادمة.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات