+ -

تتجدد مسألة مدافن اليهود بالجزائر في كل مرة، منذ أن  غادر اليهود أرض الوطن غداة الاستقلال، فتمايز الرؤى والطقوس وتعاليم الديانات بشأن الموتى، إلى جانب طبيعة علاقات الجزائريين مع اليهود، يعيد طرحها، آخرها مبادرة قادها البرلماني الفرانكو إسرائيلي من أصول تونسية، ماير حبيب، لاسترجاع رفات الموتى اليهود، بمبرر أنها لا تحظى بالعناية المستحقة خلافا لما تعرفه المقابر المسيحية، وتحرك بناء على رغبة يهود اشتكوا مما وصفوه بحالة “هجران” و”مخاوف مشروعة” عن مصير قبور أقربائهم. “الخبر” زارت هذه الأماكن ونقلت تفاصيل تسييرها ومن يتولى إدارة شؤونها وما إذا كانت لاتزال تشكل مزارا لأهالي هؤلاء الموتى. “أزمة أماكن دفن اليهود في الجزائر” بهذا الوصف يتداول اليهود ممن لهم أهال مدفونون في الجزائر انشغالهم المتعلق بمدافنهم الموزعة عبر عدة ولايات جزائرية، وينظرون إليها دائما بعين “الخائف” على وضعية تلك المقابر، ويتوجسون خيفة بدرجة أكبر إذا تقرر إخراج رفات موتاهم ونقلها إلى بلد آخر. وفي هذه الجزئية قال البرلماني في تدوينة نقلت “الخبر” محتواها مؤخرا “إن يهودا خلفوا موتى مدفونين يخشون من نقل رفات موتاهم دون إشراف حبري، بل يخشون وضعها في صندوق جمع عظام الموتى، وهذا غير مقبول في التقاليد اليهودية، لأن احترام الميت مبدأ أساسي”.ورغم أن البرلماني تحدث في تدوينته مؤخرا عن تبلور حل سنة 2009، لكن المسألة أعيد طرحها مجددا وتوصلوا في آخر إجراء لإنشاء لجنة خاصة بمقابر اليهود في الجزائر، يرأسها المتصرف الإداري بما يسمى “هيئة الكاهن”. وتهتم اللجنة، حسب البرلماني، بإنجاز “معاينة دقيقة عن أوضاع أماكن دفن اليهود بمقابر موجودة في الغالب بالمناطق الريفية، ولن تشمل مقابر اليهود الكبيرة في العاصمة ووهران وعنابة وقسنطينة، بهدف رفع تقرير إلى وزارتي الخارجية والداخلية الفرنسيتين وتحسيسهما بضرورة احترام العادات الدينية بخصوص نقل رفات موتى اليهود من مكان دفن إلى آخر”. ويرى متابعون للمسألة أن تمايز الرؤى والمعتقدات بين اليهود والمسلمين تجاه الموتى شكّل جوهر الاختلاف في وضع حد للجدل، فطقوس اليهود تختلف جذريا عما يمارسه الجزائريون من شعائر وتقاليد إزاء موتاهم، وتجلى ذلك بوضوح في أن اليهود ورغم أن مقابرهم في الجزائر محاطة بالأسوار أو محمية بالسياج وتخضع للحراسة ولم تشهد أي محاولة نبش أو تدنيس، فإنهم يرونها في حالة إهمال وهجران ويتهمون السلطات الجزائرية ضمنيا بالتقصير في حمايتها وتأهيلها، عكس مقابر الجزائريين التي “تترامى” في فوضى، وهذا ما يبرهن على اختلاف عميق بين أتباع الديانتين.وأوضح البرلماني الذي فتح الملف، ماير حبيب، في تدوينته التي تناولتها “الخبر” مؤخرا، أن “قانون اليهود الخاص بالدفن معقَد ويفرض شروطا ليست سهلة فيما يتعلق بتغيير مكان دفن بقايا جثة يهودي”، مشيرا إلى أن “بيت الكاهن” رفض في بداية الألفية الثالثة نقل القبور اليهودية بالجزائر، وأضاف “”عندما تمت معالجة مشاكل القبور المسيحية في 2009، طرحت إشكالية قبور اليهود من جديد، بسبب هجر بعض مساحات دفن اليهود بمقابر جزائرية، وبسبب وجود مخاطر تهديمها وحتى نبشها”.وتتوزع مدافن اليهود بالجزائر في الحواضر وكبريات المدن الجزائرية، وتتركز في الشمالية منها كقسنطينة وتلمسان والعاصمة وبوسعادة، حيث تخصص لها مساحات محاطة بجدار أو محمية بسياج، وفي خدمتها حارس يتولى مهام حمايتها من التدنيس أو نبش قبورها. وإذا ما قورنت بمقابر المسلمين فهي أحسن حالا منها، وتجلى ذلك من خلال الجولات التي قامت بها “الخبر” على مستوى الولايات، باستثناء ولاية بومرداس، حيث يتواجد المدفن اليهودي مهملا.نقل رفات اليهود لا يتم دون مراسم دينيةوذكر بيان “بيت الكاهن” أن الحكومة الفرنسية، عن طريق القسم المكلف بملف مقابر اليهود بالجزائر بوزارة الخارجية، “أظهرت تعاونا ووافقت على كل طلباتنا” بخصوص إعادة الاعتبار للمقابر اليهودية بالجزائر، وأن “بيت الكاهن” يأمل في إعادة النظر في القرار 9 سبتمبر 2009 الذي يتناول تجميع المقابر المسيحية بالجزائر حصريا، مشيرا إلى أن “دبلوماسيينا افتكوا من الحكومة الجزائرية قرارا ملحقا في 16 مارس 2016، يتعلق بتوسيع التجميع ليشمل كل المقابر الأوروبية”. وبذلك يرخص القرار الأصلي، حسب البيان، بتحويل القبور اليهودية المتضررة إلى المقبرة اليهودية الأقرب” وأكد أن تغيير مكان أي قبر لا يتم دون مراسم دينية بإشراف “بيت الكاهن”.   

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: