الموتى اليهود في قسنطينة.. لا زائر لهم

+ -

تعد قسنطينة من الولايات الجزائرية التي كان لها تواجد كبير لليهود منذ سنين، قبل أن تسقط على يد الفرنسيين، حيث كان لصالح باي بايلك الشرق آنذاك دور أثناء حكمه في تعزيز هذه الفئة التي منحها “المواطنة” والحقوق، وتخصيص مقبرة لدفن الموتى وفق طقوس ديانتهم، هذه الأخيرة حظيت ببعض الأشغال الطفيفة قبل زيارة الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي لقسنطينة قبل سنوات. وكان لقسنطينة موقعان بوسط المدينة خصصا لدفن موتى السكان من اليهود، أحدهما يعود تاريخ إنشائه لـ1000 سنة، حسب ما كشف عنه مولود بن سعيد باحث في تاريخ قسنطينة، يقع أسفل حي عمارات “بيكاسو” وبالقرب من مسجد التقوى الآن، تعرض للإزالة النهائية من قبل المسيحيين الفرنسيين إبان الحقبة الاستعمارية، وحوّل إلى حديقة رغم أنه كان يحظى بالاحترام من قبل المسلمين. وفي حكم صالح باي إبان العهد العثماني سمح هذا الأخير لليهود بإنشاء مدينة لهم بحي سيدي مبروك، ظلت قائمة لسنوات إلى غاية الدخول الفرنسي للجزائر.وكشف مولود بن سعيد أن تاريخ إنشاء المقبرة اليهودية “جبانة ليهود” الكائنة بحي الأمير عبد القادر بالقرب من المعلم التاريخي “نصب الأموات” قديم، وأبقى عليها الفرنسيون لليهود الذين تعزز تواجدهم بصورة كبيرة في قسنطينة، حيث لاتزال على حالتها الأولى تحرسها عائلة من قسنطينة من المسلمين تقطن بها، حيث قال إنه بعد خروج اليهود من قسنطينة سنة 1962، لم يقم أحدهم بنقل رفات ذويه لحد الساعة إلا بعض الحالات الاستثنائية، مشيرا إلى أنه في إطار العمل الإنساني وكمسلمين حظيت المقبرة بالاحترام وفق قوانين الدولة الجزائرية، ولم تمس بالأذى إلا بعض من حالات الاعتداء التي لم تسلم منها حتى مقابر المسلمين، وبعض السرقات للوحات والشواهد المكتوبة بالعبرية واتخاذها من قبل بعض المنحرفين مكانا للجلوس فيه.يهودية زوجة جزائري آخر من دفن في قسنطينةوأضاف المتحدث أنه سبق وأثناء توليه منصبا ببلدية قسنطينة، استقبال 3 وفود من الفرنسيين الذين زاروا المقبرة واطلعوا على وضعيتها واتجهوا نحو مقابر ذويهم، وهذا خلال سنوات التسعينات، حيث كان الإرهاب يضرب بقوة، ولم يمنعوا من الدخول إليها، حيث أشار إلى أن الاعتداءات على القبور من قبل المسلمين في الوقت الحالي غير موجودة وهي محاولة لبعض الأطراف الفرنسية لزرع البلبلة، ولم يتم تحويل أي رفات أو استقبال طلب فيما يخصها، قائلا: “قسنطينة التي لايزال يبكي عليها اليهود لحد الآن”. وقد زارت “الخبر” المقبرة اليهودية بحي الأمير عبد القادر ببلدية قسنطينة، التي ذكرت مصادر لنا أنها تحوي أزيد من 11 ألف قبر، وآخر عملية دفن فيها كانت في حدود سنة 2010 لسيدة يهودية من مواليد قسنطينة كانت متزوجة من مسلم وظلت مقيمة بها إلى غاية وفاتها، حيث كان لنا حديث مع حفيدة العائلة التي أوكلت لها حراسة المقبرة، كشفت أن هذه الأخيرة غابت عنها الزيارات منذ سنوات كثيرة، ولم تستقبل المقبرة أي زيارات من الوفود اليهودية الحاملة لجنسيات أخرى أو حتى للمقيمين في الجزائر. وأكدت المتحدثة في السياق ذاته أن المقبرة شهدت عملية اعتداءات وتخريب أثناء العشرية السوداء، على غرار ما حصل في العديد من المناطق، وتعرف الآن عمليات تنظيف من حين لآخر بالتنسيق مع القنصلية الفرنسية، كاشفة أن أحد الأشخاص تحدث معها عن عملية إعادة الاعتبار للمقبرة لم يحدد تاريخها بعد. 

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: