حديقة غنّاء من خمسة هكتارات و"خمس نجوم"

+ -

 تقول مصادر يهودية فرنسية إن سنة 1881 كانت محطة  فارقة في نفض الغبار عن مرقد وقبر الحبر اليهودي الشهير “افرام نقاوة” بحي قباصة شمالي مدينة تلمسان وقريبا من الموقع الأثري المسمى باب القرمادين، حيث ترجمت وفكّت بعثة استكشافية فرنسية الحروف والطلاسم المكتوبة باللغة العبرية على الصخرة التي تغطي قبر الحبر اليهودي والتي كتب عليها “هنا يرقد مصدر شهامتنا وقوتنا وتاج رِؤوسنا، نور إسرائيل، صاحب المعجزات والكرامات في عصره سيّد هذا المكان الحبر الكبير افرام نقاوة”.

ومنذ تاريخ ترجمة لوحة القبر الحجرية ونفض الغبار عنها تحوّل المكان إلى محج لليهود من كل بقاع العالم، من فرنسا وتونس والمغرب ومن كل المدن الجزائرية التي كانت تئن تحت نير الاستعمار. ويسمي اليهود طقوس حجهم إلى المكان بـ«الهيلولة” وعادة ما تكون نهاية فصل الربيع، في حديقة غنّاء لا تقل مساحتها عن الخمسة هكتارات، يحيط بها حزام من الأشجار الشامخة وسور يحمي مرقد وقبر الحبر اليهودي وبداخلها منبع مائي مقدّس أيضا عند اليهود. ورغم الرحيل الجماعي للجالية اليهودية عن المدينة عشية استقلال الجزائر سنة 1962 نحو فرنسا وإسرائيل “الكيان الصهيوني المغتصب لأرض فلسطين”، إلا أن المكان ظل يحظى بالحراسة والحماية من قبل السلطات العمومية، بل ويدمج في إطار المسارات السياحية والثقافية بالمدينة ولا يفتح إلا بموافقة من المصالح الأمنية والإدارية.وكان ربيع سنة 2005 موعدا لاكتشاف المكان بالنسبة للكثيرين من سكان المدينة بمناسبة الحج اليهودي الكبير الذي قاد 250 فرنسي يهودي إلى تلمسان عبر رحلة مباشرة من باريس نحو تلمسان، وبمباركة من أعلى هرم السلطة في الجزائر وبإشراف ومتابعة شخصية من وزير الداخلية يومها، نورالدين يزيد زرهوني. ويومها شاهد التلمسانيون وحضر البعض منهم طقوس الهيلولة من غناء ورقص وبكاء وخمور تسكب على ضريح الحبر وصلوات ودعوات من كتاب اليهود المقدّس “التلموذ”. ويحظى المكان باهتمام من سفارة فرنسا بالجزائر، حيث يتردد عليه من حين إلى آخر كبار الشخصيات الفرنسية، وفي أغلب الحالات تكون الزيارات شبه سرية  لشخصيات إما أنها تحمل خلفية عقائدية وإما بخلفيات سياسية إرضاء للوبي اليهودي المتنفذ ماليا وإعلاميا وسياسيا في فرنسا.ولا يبعد قبر الحبر اليهودي بحي قباصة عن مقبرة اليهود الكبرى في تلمسان إلا بأمتار قليلة، يتواجد في حديقة خضراء وغنّاء بوسط المدينة وفي عقّار قيمته ملايير الدينارات، وهو مرقد بخمسة نجوم يدحض مزاعم اليهود بإهمال يطال مقابرهم. دفن سرييتحدث جيران المقبرة اليهودية بتلمسان من حين لآخر عن حركات مريبة تحدث ليلا ويِؤوّلها البعض بعمليات دفن سرية ليهود يخفون انتماءهم ولايزالون يقيمون بالجزائر، مثلما رواه شاب نقلت تصريحاته جريدة جزائرية  ناطقة بالفرنسية سنة 2013 وقال إنه رافق سيارة إسعاف من العاصمة إلى تلمسان من أجل دفن ميّت يهودي، احتراما لوصيته وأمله في رقدة أبدية قرب أجداده بمقبرة قباصة في تلمسان.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: