"المسؤولون عن فضائح الأولمبياد يجب أن يدفعوا الثمن"

+ -

هل أخطأ توفيق مخلوفي بتصريحاته المنتقدة لمسؤولي الرياضة في الجزائر؟ سي مخلوفي والكثير من أمثاله الشباب الذين تمكنوا من رفع الراية الوطنية في المحافل الرياضية العالمية والأولمبية، لم يخطئوا البتة، وكل انتقاداتهم وتصرفاتهم تجاه المنظومة المتحكمة في رقاب الرياضيين الجزائريين تصب في الاتجاه الصحيح في وعاء الحقيقة التي لا يجادلنا فيها أحد. ما نعيشه ونشاهده من هوان وغياب روح المسؤولية لدى من يعتبرون أنفسهم مشرفين على الرياضة في بلادنا، أدى إلى الإهمال الذي لم يسبق وأن حدث من قبل، إنه دوس على الراية الوطنية بالأقدام وتحطيم آمال ملايين الشبان وليس رياضيينا الأبطال. للأسف الشديد، لم يسبق لنا مشاهدة إهمال كالذي حدث في ريو دي جانيرو، في تاريخ الرياضة الجزائرية.لكن الساسة عندنا والحكومة لم تتحرك ضد هذه الأوضاع المزرية إلا بعد خروج العربي بورعدة وتوفيق مخلوفي عن صمتهما؟ اسمح لي بداية أن أتوجه بتحية إكبار واحترام وتقدير للبطلين مخلوفي وبورعدة ومعهما الرياضيون الذين شاركوا في الأولمبياد على ما قدموه من أجل تشريف الألوان الوطنية.. فعندما تسألني عن السلطات فالجواب معروف لدى الجميع، إنها غائبة تماما ولا تولي أدنى اهتمام للرياضة، فما قاله سي مخلوفي جزء من الحقيقة المحزنة والمخزية في آن واحد، ودليل صريح وفاضح للإهمال الذي وصلتنا صوره وأخباره، سواء في اللامبالاة بالتكفل بالرياضيين، أو بأبسط الأمور التي تتطلبها المناسبة وأقلها مسألة النقل! كيف نطلب أو لنقل ننتظر ميداليات أو رتبة مقبولة بمثل هذه الظروف.. السؤال يبقى مطروحا.. تكاد تكون الوحيد الذي انتقد علنا ممارسة مسؤولي بعثة الأولمبياد، هل ستتوقف عند هذا الحد؟ كلا، لقد قررت استجواب السيد الوزير الأول، عبد المالك سلال، حول فضائح ألعاب ريو دي جانيرو الأولمبية. كنت سأسكت لو قام مسؤولو البعثة بمهامهم على أكمل وجه، لكن ما حدث مخز للغاية، ولن أسكت.تقول ستراسل سلال، متى؟ السؤال الكتابي جاهز وسأرسله إلى السيد سلال في أقرب وقت، وأتوقع الرد الشافي والحازم على ما وصلنا من أخبار عن ممارسات مشينة لا تشرف الجزائر شعبا وحكومة. عندما يضطر رياضي مثل بورعدة للعودة إلى مقر إقامته في حافلة للنقل الجماعي مع سكان مدينة ريو دي جانيرو، فأنا أتساءل ماذا بقي من ماء في وجه هؤلاء عديمي المسؤولية، ناهيك عن سوء التحضير في مراكز لا تليق بتحضيرات لألعاب أولمبية أو حتى قارية، بداية من المكافآت المالية الهزيلة التي يتلقاها الرياضيون في اختصاصات دون اختصاصات أخرى.. هناك تمييز حتى بين الرياضيين والرياضات، وعليكم بمقارنة ما يقبضه لاعب كرة القدم مثلا وما يدخل في جيب رياضي ألعاب القوى أو الملاكمة أو رفع الأثقال، إنها مبالغ دون مبالغ، الأرقام بحوزتي تشير إلى تمييز فاضح بين الرياضيين.تحدثت عن هياكل التدريب والتحضير، هل تظن أن الحكومة لا تعلم بذلك، كل الاختصاصات الرياضية، خارج كرة القدم، تعتبر آخر اهتماماتها؟ أنا من مؤيدي هذا الرأي.. وقد أكدت على ذلك في مراسلتي للسيد الوزير الأول. ضعف الهياكل وانعدامها بالنسبة لبعض الاختصاصات، لا تساعد على حصد الألقاب، فإلى متى نستمر في دفن رؤوسنا في التراب مثل النعامة أو التغني بالإنجازات التي يحققها رياضيون بالقلب والدم الحار وبدعاء الوالدين والصالحين من الناس.. للأسف الشديد، مسؤولو الرياضة عندنا يتعاملون بمنطق عنزة ولو طارت.هل يحق محاسبة الحكومة على إهدار الأموال التي تدفعها سوناطراك وموبيليس لشركات رياضية لا تحقق نتائج وإنجازات؟ نعم، من حق الشعب المطالبة بمحاسبة هؤلاء. أقول إن سياسة الدولة في هذا المجال خاطئة على طول الخط، بل وفي مجالات أخرى كثيرة.. هناك أموال متدفقة لكن لا نتائج تذكر، هنا تبدو مسؤولية السلطة واضحة ولا غبار عليها.. هي لم توفر أدنى الشروط الضرورية لتحقيق الأهداف التي يتبجح بعض المسؤولون بترويجها في الإعلام والصحافة.. إذا كان الكلام عن النجاح وتجسيد الوعود أكبر منكم فلماذا تجازفون بسمعة الدولة والشعب وتمرغون أنوفنا في التراب بهذه الطريقة. سي مخلوفي رفع الراية الوطنية مرتين في أولمبياد ريو في ظل غياب تام للسلطة، ورياضيون آخرون بذلوا ما استطاعوا وأدوا ما عليهم، فلا يجوز تحميلهم فوق طاقاتهم.هناك من يشير بأصابع الاتهام إلى رئيس اللجنة الأولمبية، وهناك من يطلق النار على وزير الرياضة، من المسؤول برأيك عن فضائح أولمبياد البرازيل؟ للأسف، الجهة الوصية التي لا تبالي لإهدار واستنزاف الملايير من مال الشعب وعلى من أنفقته وفي ماذا صرفته. إن من واجب السلطات اليوم، إن كانت تتحمل مسؤولياتها السياسية والأخلاقية، هو محاسبة هؤلاء المسؤولين المقصّرين الذين تصرفوا في تلك الأموال ولماذا لم تذهب إلى أصحابها الرياضيين في مختلف الاختصاصات وليس في اختصاص واحد فقط.هل تتوقع أن يتحرك الوزير الأول في هذا الاتجاه؟ أتوقع أن يتجاوب السيد سلال مع هذه النداءات، وهو حتما على دراية تامة بما حدث هناك في ريو دي جانيرو، وأنا متفائل من أنه سيحدث تغييرات جوهرية عموديا وأفقيا على المؤسسة الرياضية الوطنية. لقد طال انتظار ذلك، منذ سنوات ونحن نشاهد نفس المهازل تتكرر، نفس المعاينة، وبنفس الأشخاص تقريبا، وفي كل مرة نندب حظنا ونجلد أنفسنا وغيرنا ونعلق الإخفاقات على الرياضيين، فيما يواصل المسؤولون عن الفشل في مواقعهم يطلقون العنان لتصريحاتهم بالوعود الكاذبة التي هي اليوم تعرّى على مرأى ومسمع العالم أجمع. على الدولة أن تتحرك وتعيد النظر في كيفية صون سمعة البلاد أولا، وتولي الرعاية التامة لرياضيينا الذين هم في حقيقة الأمر سفراء لبلدنا، وصعودهم هو صعود للجزائر والعكس صحيح.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: