+ -

 لم يُسّجل للبرلمان الحالي أو الماضي “تحرّك” ولو محتشم، إزاء جسامة الفساد الذي ينخر قطاع الرياضة. فعلى ما يبدو فإن النواب يرون في الرياضة بأنواعها “قضية تافهة” لا يُلتفت لها ولا يُسائلون ولا يُحاسبون القائمين عليها. وإذا كان لبعض البرلمانيين الذين يرفضون وصفهم بـ”النائمين”، رغبة في حفظ ماء وجه المؤسسة التشريعية، فقد وفّر لهم البطل الأولمبي صاحب الفضيتين في ريو 2016، جزءا عن حقيقة قطاع يلتهم الأموال كالنار في الهشيم دون مردود إيجابي على كافة المستويات.لا يُعير البرلمانيون اهتماما لقطاع الرياضة، الذي يبتلع ميزانيات ضخمة من أموال الشعب دون حسيب ولا رقيب. ولو أن مساءلات النواب للقائمين على قطاع الرياضي عموما بدءا من الوزارة، تتم بالصورة الصحيحة استجابة لثقة المواطنين الذين انتخبوهم، لكان لهؤلاء البرلمانيين “مادة” يشتغلون عليها طوال أيام السنة، وقد يُخرجون فضائح متتالية لا حصر لها. هذه الصورة المشينة عن قطاع الرياضة التي لا تخفى لا على كبير ولا صغير، نقلناها إلى بعض النواب في المجلس الشعبي الوطني، لقياس مدى تجاوبهم مع الفضائح التي تطغى على قطاع الرياضة. فتحدثت “الخبر” مع النائب عن المجموعة البرلمانية لجبهة التحرير الوطني، عبد الكريم مدوار، انطلاقا من تصريح البطل توفيق مخلوفي الذي فتح النار على بعض المسؤولين في قطاع الرياضة.الأفالان: “لا تنتظروا شيئا من البرلمان”وقال مدوار إن “مخلوفي كانت تنقصه بعض الجرأة ليكشف لنا الأسماء التي خانت الأمانة، فوزير القطاع (الهادي ولد علي) صرح بأنه غير معني بتصريحات مخلوفي، ولا رئيس اللجنة الأولمبية مصطفى بيراف، فمن المعني إذن”.أما بخصوص عدم تحرك البرلمان تجاه فضائح قطاع الرياضة، فأوضح محدثنا بأن “البرلمان عبر لجنة الشباب والرياضة التي كنت عضوا فيها مرتين، فنشاطاتها منعدمة لأنها لا تملك الصلاحيات”.وذكر مدوار بأن “لجنة الشباب والرياضة كغيرها من اللجان الأخرى في المجلس الشعبي الوطني، مكتوفة الأيدي ولا يمكن لها القيام بمهامها. وعلى سبيل المثال، تقدمت لما كنت عضوا في اللجنة بطلب للتحقيق في وفاة مناصرين بملعب 5 جويلية، لكن الطلب اختفى ولم نجد له أثرا، وصحيح بأن النائب دوره ممارسة الرقابة على عمل الحكومة، لكن بالمنظومة الحالية للمجلس لا يمكن الوصول لأي شيء، مثلما لم نتوصل إلى إجابات حول تأخر إنجاز الملاعب، ولست أدري لماذا تخيف الخرجات الميدانية للنواب مكتب رئيس المجلس”.وأوضح مدوار  “انتقالي من لجنة الرياضة إلى لجنة المالية، كانت بسبب الخمول الذي يطغى على عمل لجنة الرياضة، ومن هذا المنطق لا أعتقد إطلاقا بأن لجنة تحقيق ستتشكل في البرلمان بشأن ما حدث في ألعاب ريو 2016 للرياضيين الجزائريين، لأن وزارة الرياضة وكل الوزراء الذي تعاقبوا عليها، يتلقون تدخلات وتعليمات فوقية تصل حد التخويف، لكي لا يطبقوا برنامج الرئيس في مجال الرياضة”.ويعطي مدوار لهذه “الجزئية الخطيرة” دليلا، فيقول: “لماذا يتعثر إنجاز مراكز تدريب للأندية المحترفة، رغم أنّها مدرجة في قانون الشباب والرياضة الذي صودق عليه ونشر في الجريدة الرسمية منذ 6 سنوات، رغم وجود الأموال اللازمة لتشييدها، يعني هناك إرادة واضحة لعرقلة تطوير قطاع الرياضة”، مضيفا: “ولماذا لم يجتمع الوزير الهادي ولد علي برؤساء الأندية منذ قدومه على رأس الوزارة؟”.الأرندي: “بيت لقمان سيبقى على حاله”لدى التجمع الوطني الديمقراطي رأي آخر يتوافق ويختلف عن جبهة التحرير الوطني، وهذا ما جاء على لسان رئيس المجموعة البرلمانية للأرندي، محمد قيجي، متحدثا مع “الخبر”: “الكل يعلم أن الرياضة مريضة في الجزائر، والكثير يعتقد أنّها تقتصر على كرة القدم، كما أنّنا في الجزائر أنفقنا مبالغ كبيرة لم تعط للأسف أكلها، بدليل ما جاء على لسان توفيق مخلوفي، وهنا نتساءل أين الخلل بالضبط؟”.ويُدافع قيجي عن المجلس الشعبي الوطني، بحكم أن رئيس لجنة الشباب والرياضة ينتمي إلى نفس حزب الأرندي، قائلا: “لجنة الشباب والرياضة تنظم كل سنة أياما برلمانية تكشف فيها الفساد والعنف الذي يطغى على قطاع الرياضة، كما قامت اللجنة بإجراء دراسات أعطت فيها بعض التحاليل والاقتراحات، لكن بيت لقمان بقي على حاله، والفساد لايزال ينخر قطاع الرياضة، وقد زاد من تخوفنا قرار سحب قوات الأمن من الملاعب، ولا ندري إذا كان القرار صائبا، وبالتالي ربما ستكون هناك مساءلة من حزبنا لوزير القطاع أو الهيئات المشرفة عليه”.تكتل الجزائر الخضراء: “تقصير برلماني في مراقبة القطاع”وعن تكتل الجزائر الخضراء، قال النائب المنتمي إلى حركة مجتمع السلم، ناصر حمدادوش، في تصريح لـ”الخبر”، إنّه “لا يخفى أنّنا في ظل نظام فوق رئاسي، وهو مهيمن على كل الصلاحيات والسلطات والمؤسسات، وفي ظل سلطة تنفيذية متغوّلة على السلطة التشريعية، وأن ما يملكه البرلمان من صلاحيات الرقابة على عمل الحكومة هي صلاحيات شكلية غير مؤثرة، وحتى الأغلبية البرلمانية المفبركة لا تملك السيادة في ممارسة الصلاحيات الكاملة، بل وجدنا مكتب المجلس تحول إلى لجنة مساندة الحكومة على حساب الدور الرقابي للنواب”.وأشار حمدادوش: “أمّا بالنسبة لقطاع الشباب والرياضة، وبالرغم من حساسيته وحيوية نشاطاته وتأثيرها على الرأي العام، إلاّ أن هناك تقصيرا برلمانيا لمراقبته، خاصة وأنّه ينام على ميزانيات خيالية، خارج حدود الرقابة والمتابعة. وبالرغم من الأغلفة المالية والإمكانات الضخمة له، إلا أنه لا يحقق النتائج المرجوة، ومنها مهزلة المشاركة الأولمبية في ريو دي جانيرو، ولكنك تشعر بنوع من الرعاية السامية للفساد في هذا القطاع، وأنه فوق المبدأ القانوني للمحاسبة والمعاقبة، وسياسة اللاعقاب وانعدام شرف الاستقالة بسبب الإخفاقات المدوية هو الذي يشجع على التطبيع مع الفساد والإخفاق”..حمس: “فشل آخر يضاف إلى حكومة سلال”كما عبّرت حركة مجتمع السلم عن موقفها من مهزلة ريو 2016 وقطاع الرياضة عموما. وقال مسؤول الإعلام في الحزب، بن عجمية، إن “الفساد في الجزائر مركب ومعمّم، إذا أصاب قلب السياسة وعصب الاقتصاد، فإن ذلك سينسحب على كافة المؤسسات والقطاعات جميعا، وليست الرياضة استثناء، بل تعتبر هذه الأخيرة معقلا رئيسيا للفساد والسطو على المال العام دون نتائج عملية على الأرض. وإن مهزلة “ريو” هي فشل آخر يضاف إلى حكومة سلال التي صدعت رؤوسنا بمبشرات القوة الإقليمية، بل وأصبح العالم بأسره يحسدنا، على حد تصريح وزير الداخلية، في لحظة لا تركيز”.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: