+ -

الوحدة بين أحزاب التيار الإسلامي بالجزائر، لم تعد هدفا قائما على الديمومة، يبتغيه أبناء التيار الإسلامي، فهذا الحلم الذي راود الإسلاميين، منذ بداية الصحوة الإسلامية، توارى خلف أسوار فرقة تكرست أكثر في السنوات الأخيرة، حتى وإن ظهرت بوادر “انسجام” وتوحد في صورة تكتل الجزائر الخضراء، الذي فرضته المرحلة السياسية، ونمط تعاطي السلطة مع الانتخابات، أكثر من رغبة ذاتية من أبناء التيار في لملمة صفوفهم ووضع حد للشتات الذي يعود حتى إلى العمل السري قبل التعددية التي فرضتها أحداث أكتوبر 88.الإسلاميون يعلقون تفرّقهم على مشجب النظام“السلطة هي السبب” ناصر حمدادوش: “الحركة الإسلامية تجربة بشرية يعتريها ما يعتري الآخرين” محمــــــد ذويـــبي: “بيوت بعض الإسلاميين يغيب عنها احترام الرأي وحرية النقد”تقبّلت الأحزاب السياسية ذات التوجّه الإسلامي، لقاء بعضها البعض في تنسيقية الحريات والانتقال الديمقراطي ثم بعدها هيئة التشاور والمتابعة، إلى جانب أحزاب أخرى من الوطنيين والديمقراطيين، لكن لا تتقبل نفسها ضمن تكتل واحد يجمع صوتها وصفها بصفة دائمة. بل، كان الإسلاميون أكثر البيوت عرضة للانقسام والشرخ والتفرّق، فتفرخ عن حزب واحد عدّة أحزاب، وازدهر معها موسم “الهجرة السياسية الحزبية” ورميت القناعات في “سلة المهملات”.يرفض الإسلاميون “السياسيون” في الجزائر، الرضوخ إلى الطرح الذي يضعهم ضمن أكثر الأحزاب تعرضّا للانقسام والتفرق وسط القيادات والمناضلين، وإن كان ما يرفضونه واقع لا يمكن نكرانه. ويتشبث الإسلاميون بتجربة “تكتل الجزائر الخضراء” الذي كان انتخابيا أكثر منه سياسي، وحتى هذا تحقق لأغراض سياسية فرضتها عوامل دفعتها السلطة، إلى درجة وصف فيها القيادي في حركة الإصلاح الوطني، جهيد يونسي، التكتل ذات يوم بـ”العائلة السياسية الفريدة من نوعها في الجزائر”. الإسلاميون ليسوا هم الإسلام...حتى هذه “العائلة الفريدة من نوعها”، التي تحفظ قليلا ماء وجه طيف من الإسلاميين، لم تعد ترضي البعض. فرئيس حركة مجتمع السلم، عبد الرزاق مقري، قد أعلن في حوار سابق مع “الخبر”، عن إمكانية إعادة النظر في تجربة التكتل، ما يشير إلى أن التكتل هو الآخر سيختفي من البرلمان، وتظهر معه قراءات لا حصر لها ضمن عنوان واحد ووحيد “الإسلاميون لن يتوحدوا وإن توحدوا فظرفيا”.هذا غير صحيح.. يقول القيادي في حركة مجتمع السلم والنائب عن تكتل الجزائر الخضراء، ناصر حمدادوش، متحدثا لـ”الخبر”، ومضيفا: “كل العائلات السياسية وقعت فيها خلافات وانقسامات حادة، والمشكلة ليست في ذلك، فهي ظاهرة مرتبطة بالطبيعة البشرية وطبيعة العمل السياسي، ولكن الإشكالية في كيفية إدارة الخلاف، وتحويله من نقطة ضعف إلى فرصة للتنوع والتكامل والتداول والتنافس في خدمة الدين والوطن والأمة. لابد ألا ننظر إلى الإسلاميين نظرة مثالية وكأنّهم معصومين وليسوا بشرا، وهم تجربة اجتهادية في فهم الإسلام والعمل له وليسوا هم الإسلام في حد ذاته”.وناصر حمدادوش يتخندق ضمن الرافضين لضرورة “تكتل الإسلاميين”، فيعبر عن هذا الموقف بما يلي: “لابد أن نتفق أن مجال العمل السياسي واسع، وتتعدد فيه الآراء والاجتهادات، وأن الحركة الإسلامية تجربة بشرية يعتريها ما يعتري الآخرين، وهي لا تختلف عن العائلات السياسية في التعدد، وخاصة إذا كان اختلاف تنوع وتكامل لا اختلاف تناقض وتخاصم”.بيئة سياسية موبوءة..ويزيد لموقفه وضوحا أكثر: “لا يمكن حشر الأحزاب الإسلامية إمّا في الاندماج التنظيمي أو الخصام النكد، فالاختلاف في السياسة لا يفسد للود قضية. إذا استطاعت هذه الأحزاب أن تتوحد، وخاصة على مستوى الخط الاستراتيجي، في مجالات العمل الأساسية كالدعوة والتربية والمرأة والشباب والقضايا العادلة فهو أولى وأفضل، ولا يمكن حشرها فقط في ضرورة التكتل السياسي والانتخابي، وهو الأصعب والأكثر اختلافا”.وعن “العائلة السياسية الفريدة من نوعها”، تكتل الجزائر الخضراء، قال حمدادوش: “أما تجربة تكتل الجزائر الخضراء فهو تجربة في إمكانية تحالف الأحزاب، وهي تحتاج إلى تقييم موضوعي ليُبنى عليها، وللأسف الشديد فقد بقيت عبارة عن تكتل انتخابي ولم تتطوّر إلى تحالف استراتيجي، ولم تتح لها الفرصة للنجاح بسبب البيئة السياسية الموبوءة وما دمّره التزوير”.وتابع قيادي “حمس” يُفصّل: “فلم يظهر الأثر الإيجابي والحقيقي لتلك التجربة، ولم تكن الانتخابات معبرا حقيقيا وانعكاسا واضحا لتمثيل هذه التجربة في المجالس المنتخبة، ولذلك لا يمكن الرهان على الانتخابات، في ظل تغوّل السلطة وهيمنتها على العملية الانتخابية، أن تكون طريقا لنجاح الأفكار والتمكين للبرامج والمشاريع”.ولا يختلف هذا الموقف مع رأي أمين عام حركة النهضة، محمد ذويبي، كثيرا، إلا في بعض الجزئيات البسيطة، فقد أوضح في اتصال مع “الخبر” بأن “قضية توحّد أو تفرّق الإسلاميين، أولا وقبل كل شيء مرتبط بالبيئة السياسية المُغلقة، وأيضا الانسداد السياسي الذي يعد سببا في التفاعلات السياسية، وبالتالي ليس خاصا موضوع التوحد بالإسلاميين فقط، وإن كانت مسؤوليتهم قائمة في وقوع الانشطار والانقسام”.مسؤولية الإسلاميين.. وغيرهمأين تقع مسؤولية الإسلاميين بالضبط؟ يجيب ذويبي: “الممارسة السياسية لاتزال لم تكرّس بعض المعاني، على غرار ضمان الحريات داخل الأحزاب السياسية وإعطاء الآخرين فرص إبداء الرأي والنقد وطرح المشاريع داخل مؤسسة الحزب، لنتمكن من الانتقال من الانقسام إلى البناء ثم جمع الكيانات في كيان واحد، وهذه المعاني موجودة في المواثيق، لكن على الواقع تقريبا منعدمة، وتكون قناعة راسخة داخل الجميع، ولا يمكن تجاوزها، والمناضل لا يمكن قيادته دون قناعة”.وبشأن ضياع فرصة تحويل التحالف الانتخابي “تكتل الجزائر الخضراء” إلى تحالف استراتيجي، قال ذويبي: “تكتل الجزائر الخضراء كنت من المساهمين في تأسيسه، وهي تجربة تعتبر محترمة غيّرت الصورة لدى الرأي العام في أن الأحزاب لا تلتقي أثناء الأوقات الصعبة. أمّا الآن، هل الأطراف تبقى مقتنعة والطرح يكون موضوعيا بشأن التجربة، فذلك هو جوهر النقاش”.وأضاف ذويبي: “التقييم لابد أن يكون في سياق تشكل التكتل، وحركة مجتمع السلم نحترم رأيها وسيادة مؤسساتها، عندما أبدت توجها في مراجعة هذه التجربة، لكن ظروف سنة 2012 كانت صعبة للجميع باتسامها بتحديات سياسية حتى على “حمس” لأنها مشاركة في السلطة، فالكل وقتها كان يحتاج إلى بعضه البعض، وبالتالي الآن نحن في حركة النهضة دعاة التكتلات مع الإسلاميين وغيرهم.. والدليل في التنسيقية التي هدفها السياسي كبير جدا”.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: