38serv

+ -

قررت الحكومة، في مشروع قانون المالية 2017، غلق صناديق التخصيص الخاصة وجمعها في صندوق واحد تحت رقم 302-145، تحت ذريعة “خفض أعباء تسيير الصناديق”. وينتظر من الحكومة إعطاء تفاصيل إضافية أثناء مناقشة مشروع القانون، تخص تحديدا طريقة تسيير هذه الصناديق التي انتقدتها تقارير مجلس المحاسبة، لكونها أهدرت أموالا على “مشاريع” لم تر النور أبدا.أفادت مصادر حكومية لـ”الخبر”، بأن “السلطات العمومية قررت الاستغناء عن صناديق التخصيص الخاصة وغلقها، تحضيرا لجمعها في صندوق واحد يحمل رقم 302-145، وأبرز الصناديق المدرجة ضمن قرار الغلق، تلك المتصلة بالاستثمار العمومي، بعد أن تقلصت العام الماضي من 68 إلى 55 صندوقا”.وأوضحت مصادرنا أن “الحكومة ستواصل تجميع الصناديق الخاصة، حيث حدد مشروع قانون المالية 2017، إجراء جديدا يضمن تجميع كل الصناديق في صندوق واحد وإغلاقها، في أجل لا يتعدى 31 ديسمبر 2016، لخفض الأعباء في تسييرها والتركيز على تفادي الأخطاء المرتبكة في السابق، خصوصا المشاريع غير المنجزة التي بقيت مواردها مجمدة”.الصناديق المعنية بالغلق في الفترة الأولىوحسب مصادرنا دائما، فإن “الصناديق المتفق على غلقها لحد الآن، في انتظار البقية، 4 صناديق، الأول صندوق التخصيص الخاص رقم 302/115 المتعلق ببرامج إعادة البناء (موجه تحديدا للكوارث الطبيعية)، والثاني صندوق التخصيص الخاص 302/120 المتصل ببرنامج دعم النمو 2005/2009، والثالث صندوق التخصيص الخاص 302/134 الموجه لبرنامج دعم النمو 2010/2014، والرابع صندوق التخصيص الخاص 302/143 المتضمن برنامج دعم النمو 2015/2019”.ولا يعرف لحد الآن السبب الرئيسي الذي دفع الحكومة إلى غلق الصناديق الخاصة. فإذا تعلق الأمر بسوء تسيير ابتلع عشرات الملايير من الدينارات، فالمفروض إطلاق تحقيق تحدد فيه وجهة تلك الأموال ومعاقبة المسؤولين عن تبديدها، خصوصا أن تقارير مجلس المحاسبة لطالما سلطت الضوء وأجرت تحاليل للوضعية المالية للصناديق الخاصة، وكيفية تسيير أموالها، خاصة بالنسبة للصناديق التي يتم إنشاؤها ظرفيا لمعالجة وضعيات مؤقتة.ونبهت التقارير إلى أن “العديد من الصناديق الخاصة كانت قد خرجت عن الضوابط التي تحكم إنشاءها، حيث لم تحقق الكثير من الأهداف التي أنشئت من أجلها، نتيجة عدم إحكام الرقابة على مصروفاتها”. للعلم فإن غلق الصناديق الخاصة يتماشى مع توصيات أرفقت بتقارير مجلس المحاسبة، دعت فيها إلى ضرورة إعادة جمعها أو غلق عدد منها على الأقل لتسيير ناجع لموارد الدولة، وإرساء شفافية في تسيير موارد ونفقات كل قطاع على حدة.ويرتكز تمويل الصناديق الخاصة على ما يقتطع من موارد عامة الشعب، حيث يحصل عليها من الغرامات وقيمة رخص الحديد والإسمنت والأسمدة الزراعية، ومن رسوم اللوحات المعدنية للسيارات واستغلال المحاجر ورسوم دخول المستشفيات وغيرها، ومن الكثير من الرسوم التي تفرض على المواطنين.وترصد حسابات التخصيص الخاص في إطار الميزانية العامة للدولة المحددة ضمن قوانين المالية وليس عن طريق خزينة الدولة. وتمنح هذه الحسابات نوعا من المرونة في تمويل بعض العمليات الاستثمارية والإجراءات الظرفية الضرورية.الواقع مختلف تماما..وأمام الانتقادات الواسعة والشديدة لصناديق التخصيص الخاصة، كان للحكومة رأي في الأمر. فقد سبق لوزير المالية السابق محمد جلاب أن أعلن عن إرادة قطاعه بمتابعة عمليات تطهير حسابات التخصيص الخاص إلى غاية استكمالها النهائي، حيث سيتم تجميع بعض الصناديق الخاصة وإقفال أخرى. لكن السيد جلاب خرج من الحكومة بعدها بأسابيع ووعده لم ينجز.وتشير مصادر “الخبر” إلى أن “غلق الصناديق سيكون عن طريق تجميع بعض الحسابات المتشابهة في المهام، وإقفال حسابات أخرى يمكن ضمان استعمالها ضمن الإطار العادي للميزانية العامة للدولة، تماشيا مع وقف حسابات التخصيص الخاص الموجهة لتسيير الأحداث الظرفية بعد سنتين من تاريخ انتهاء الحدث”.لكن اللافت في مشروع قانون المالية 2017، أن الحكومة اتجهت إلى غلق صناديق الاستثمارات العمومية، مع العلم أن وزراء المالية كانوا يصرحون باستثناء “الحسابات المخصصة لتنفيذ عمليات الاستثمارات العمومية والعمليات التي لها طابع دائم أو غير متوقع”.ورغم تأكيدات وزارة المالية أكثر من مرة على الإبقاء على عمليات التخصيص الخاص في مجالات التنظيم الاجتماعي والاقتصادي والعمليات غير المتوقعة وتمويل العمليات التنموية الأخرى على مستوى الميزانية العامة للدولة، إلا أن ما جاء به مشروع قانون المالية 2017 مخالف تماما. فقد ورد في المشروع إلغاء صندوق التخصيص الخاص 302/134 الموجه لبرنامج دعم النمو 2010/2014، وصندوق التخصيص الخاص 302/143 المتضمن برنامج دعم النمو 2015/2019”.سوء تسيير الوزراء..ولا يطغى على صناديق التخصيص الخاصة أية رقابة ضمن قواعد الشفافية، فرغم دعوات نواب برلمانيين بوجوب إطلاع البرلمان بغرفتيه على حصيلة تنفيذ هذه الحسابات وإرفاقها وجوبا بمشروع قانون المالية، والتي تشمل إلى جانب الوضعية المحاسباتية سير تنفيذ العمليات، ومدى تحقيق الأهداف المحددة بالنسبة لكل حساب، إلا أنها دعوات كانت شبيهة بفقاعات في الهواء.ويرى مراقبون أن إشكالية الصناديق الخاصة التي يتم تسييرها مباشرة من قبل الوزراء، تتركز في غياب تام لمعايير الشفافية والرقابة، الأمر الذي يجعلها أحد أهم مصادر الفساد في الجزائر، بالنظر إلى ضخامة الموارد المالية التي تحتويها. فحوالي 70 صندوقا خاصا تابعة للوزارات، يوجد من بينها 20 صندوقا لم تستعمل من مواردها أكثر من 10 بالمائة، دون إعطاء الوزارات أي تفاصيل عن الوجهة التي تأخــــذها هــــــــــذه الأموال، التي يبــقى حجــــــــمها مجهولا.ويطلق المتابعون للشأن المالي في الجزائر تخوفات في كل مرة بخصوص هذه الصناديق، على اعتبار أنها غير مشمولة بقوانين المنافسة التي تفرض التعامل بالمناقصات في تمويل الصفقات، لاسيما وأن تسييرها موكل مباشرة إلى الوزراء، ما يدفع إلى الحد بشكل كبير من عمل المفتشية العامة للمالية المنوطة بها عملية المراقبة.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: