+ -

يوضح بشير مصيطفى، كاتب الدولة للاستشراف سابقا، أن الجزائر تعد حاليا 64 حسابا تخصيصا، تقدر موجوداتها بـ22 مليار دولار. ويشير في حوار مع “الخبر” إلى أنه في الوقت الحالي يستحسن التخلص من حسابات التخصيص التي لم تعد تواكب التحول الجاري في الاقتصاد الوطني، أي تلك التي لم تعد تقدم إضافة لمعدل النمو.هل هناك معلومات دقيقة حول عدد الصناديق الخاصة وحجم الأموال المكدسة بها ؟ حتى نهاية العام 2011، كنا نتحدث عن 104 حساب خاص للخزينة، منها 75 حساب تخصيص خاص، وهي تنقسم إلى “حسابات التخصيص الخاصة” و”حسابات الخزينة الخاصة”.منذ 2011 عمدت الحكومة إلى إلغاء بعض حسابات التخصيص. في 2012 أصبحت 74 حسابا وفي 2013 أصبحت 71 حسابا وأخيرا جاء في قانون مالية 2016 الاستغناء عن 7 حسابات تخصيص، وبالتالي ومن الناحية النظرية نتحدث حاليا عن 64 حساب تخصيص تقدر موجوداتها حتى فيفري 2016 بـ 22 مليار دولار.تحدثت الدولة في 2015 عن عملية تطهير للصناديق الخاصة.. أين وصلت العملية من خلال متابعتكم؟ حديث الدولة في 2015 هو نفسه محتوى المقترح الذي جاء في مشروع قانون مالية 2016، أي الاستمرار في تقليص عدد حسابات التخصيص غير المجدية لأسباب كثيرة، منها ضعف الرصيد في بعضها إلى درجة العجز المالي، ضعف الاستهلاك من رصيد بعضها، انتفاء أسباب وجود بعضها مثل حساب التخصيص للثورة الزراعية وحساب التخصيص للخدمات الطبية (1990)، وأخيرا حاجة الخزينة للسيولة لتمويل الحساب العام تحت ضغط تراجع رصيد الخزينة منذ نهاية 2014 تاريخ هبوط أسعار النفط وتراجع الجباية.حتى هذه السنة نسجل نجاح المسعى في تقليص هذا النوع من الحسابات من 75 حسابا سنة 2011 إلى 64، وهناك مجال واسع لمواصلة نفس المسعى خاصة مع الصناديق التي لا تملك دراسات إنجاز المشاريع مثل حسابات التخصيص للتنمية المحلية أو الهضاب أو الجنوب بشرط تحويل رصيدها إلى المخططات المحلية لتنمية نفس المناطق المعنية بها.هل هناك هدف اقتصادي واضح من هذه الصناديق يجعل الدولة تحتفظ بها؟ بعض هذه الصناديق وجدت لأهداف خاصة ومؤقتة ومرحلية، مثل مواجهة نتائج العشرية السوداء أو تفعيل الثورة الزراعية، وبعضها وجدت لأهداف تمويل عمليات خاصة خارج الإنفاق القطاعي والمحلي، أي خارج الإنفاق العام مثل صندوق الطاقات الجديدة والصندوق الخاص بتنمية الجنوب والهضاب العليا (11 ولاية) والحساب الخاص بتنمية الصادرات.هل هناك تجارب في العالم مشابهة لتوظيف الأموال في صناديق خاصة يمكن الاستفادة منها؟ نعم، تجربة الصناديق الخاصة آلية مالية وتمويلية جد فعالة إذا عرفت الحكومات استغلالها، لأنها تدعم الإنفاق الحكومي خارج الحساب العام للخزينة، وتستهدف عمليات اقتصادية واجتماعية بعينها، ولذا أخذت بها دول عدة من الشمال أو الجنوب مثل أمريكا، عن طريق صندوق خاص بالحماية الصحية، وبريطانيا عن طريق صندوق خاص للضمان الاجتماعي، وفرنسا عن طريق صندوق خاص لدعم المزارعين، أو مصر - التي أسست لهذا النوع من الصناديق في العام 1973 - عن طريق صندوق خاص بالرعاية الصحية.ولكن في الميدان تتفاوت نتائج عمل الصناديق الخاصة من دولة لأخرى بسبب طبيعة التمويل الذي هو دائما من المال العام، ولهذا فإن تطبيق معايير الشفافية والمحاسبة والحوكمة المالية هي وحدها العوامل الحاسمة في نزاهة وفعالية هذا النوع من الصناديق.أشرفتم على وزارة الاستشراف.. هل اقترحتم خطة لإعادة استثمار هذه الأموال في إطار الرؤية التي طرحتموها في ذلك الوقت؟ نعم، في مسعى تطوير مالية الدولة أنشأنا على مستوى المخطط الإداري للوزارة نيابة مديرية للحوكمة بغرض تحديث وعصرنة أساليب الإدارة، بما فيها الإدارة المالية، ومنها إدارة أدوات التمويل. وبدأنا بمشروع خلايا اليقظة القطاعية، وكان من المنتظر تعميم المشروع على جميع الوزارات بما في ذلك وزارة المالية، حيث تسمح خلية اليقظة الاستراتيجية ذات المحتوى الخبراتي بتحقيق ثلاثة أهداف هي: إطلاق منظومة الإحصاء المالي، تحليل معطيات الإحصاء المالي، ثم التقدم للحكومة بتوصيات تخص تثمين الفرص وتجنب المخاطر.ومن الناحية العملية بدأنا فعلا بالصندوق الخاص بتنمية الجنوب والهضاب العليا، حيث بين التحليل ضعف أداء هذا الصندوق بسبب عدم مطابقته لشروط الإنجاز والدراسات الفنية على الأرض، ما أدى إلى توقف استهلاك اعتماداته تماما منذ العام 2002.ما هي الطريقة الأمثل لتسيير الصناديق الخاصة في ظل تقارير مجلس المحاسبة التي تتحدث عن غياب الشفافية في تسييرها؟ برأيي الخاص، يستحسن التخلص من حسابات التخصيص التي لم تعد تواكب التحول الجاري في الاقتصاد الوطني، أي تلك التي لم تعد تقدم إضافة لمعدل النمو، ومن الصناديق التي لا تملك موارد مضمونة في المديين المتوسط والبعيد، ومن حسابات التخصيص التي تمر بحالة عجز مالي وهي كثيرة.أما الصناديق الخاصة المتوازنة ماليا والمجدية اقتصاديا، فأقترح تزويدها بخلايا لليقظة المالية يديرها مهندسون في المالية والإحصاء، من أجل التقييم الدوري والمتابعة المحاسبية، وتخصيص الموارد للأهداف التي أنشئت لأجلها. ويمكن استبدال هذه الخلايا بخلية اليقظة القطاعية للمالية إذا ما تم تفعيل الفكرة لدى الحكومة، وهي نفسها الفكرة التي قدم فيها قطاع الاستشراف والإحصاء مشروع نص قانوني العام 2013، أي قبل حل القطاع بأشهر.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: