دنيا بارك.. من مقبرة للأموات إلى مقبرة للأموال؟!

+ -

جسم السلطة في الجزائر أصبح مصابا بما يمكن أن نسميه فقدان المناعة ضد الفساد.. فرغم الفضائح المتلاحقة التي تعلنها السلطة عن سوء تسييرها، فإنه لا أحد تحرك لوقف هذه المهازل. وكأن الفساد الذي يعلن عنه لا يخص السلطة في الجزائر بل يخص سلطة بلد آخر من العالم الثالث!1 - قالوا الصناديق المالية الخاصة ابتلعت أموالا كثيرة دون فائدة.. ولكن لا أحد قال لنا من هو الذي كان وراء إقامة هذه الصناديق السراقية وليس السيادية الخاصة!؟ فعلا، هي صناديق خاصة يتصرف فيها رجال السلطة كملكية خاصة لا تخضع للرقابة ولا تخضع لأي مساءلة من طرف نواب الشعب في البرلمان.. لأن النواب فعلا صناديق خاصة أشد سوءا من الصناديق الخاصة، والصندوق لا يرقب أخاه!2 - حكاية الحديقة المسماة دنيا بارك وملف الفساد الذي تحدث عنه وزير الفلاحة مؤخرا، هذا الملف فيه الكثير من الغرائب والعجائب! حتى هذا الوزير الذي كانت له الشجاعة في الحديث عن الفساد في هذا الملف لم تكن له الشجاعة للحديث عن الذين مكنوا هؤلاء من نهب ما نهبوه من أراض، ربما لأن السيد الوزير يعرف جيدا أن من مكن هؤلاء من التصرف في نهب عقار دنيا بارك ما يزال على رأس كانون السلطة! ولذلك يتحدث الوزير عن السراق والنهابين بالضمير المستتر تقديره هو! ولا أحد يعرف من هو هذا “الهو” الذي يتحدث عنه الوزير؟!3 - ما أعرفه عن ملف دنيا بارك أن معركة حصلت بين شريف رحماني ووالي العاصمة عبد المالك نوراني حول ملف دنيا بارك، هذا الملف قدمه نوراني للحكومة من أجل تخصيص الأراضي التي عليها دنيا بارك اليوم لتكون مقبرة! لأن مقبرة العالية وبقية المقابر الأخرى في العاصمة قد أصبحت ممتلئة.. وكانت الصورة فعلا كاريكاتورية أن تتوسع العاصمة في قطاع الأموات وليس الأحياء! لكن يبدو أن نوراني كان على حق، فلو خصصت هذه الأرض كمقبرة لما قامت السلطة بدفن 2.5 مليار دولار فيها بالفساد دون أن يظهر شيء من هذه الحديقة. أرض يدفن فيها الشعب أم تدفن فيها أموال الشعب فالأمر سيان! الطريف في الأمر أن بعض الذين أخذوا أراضي هذه المنطقة بطرق ملتوية وبمساحات كبيرة، قاموا بتسييجها بالأسلاك الشائكة، وأقاموا فيها “ڤاريطات”.وبالنظر إلى الأسلاك الشائك و«الڤاريطات” لحراسة هذه الأملاك المنهوبة، يمكن أن يعرف المشاهد من هو الناهب من خلال نوعية حماية ما نهبه من ممتلكات؟!.لو كانت الحكومة جدية لحولت ملف دنيا بارك إلى القضاء ولا تقوم الحكومة و«تطلع” السكر للشعب الجزائري من خلال ما قاله وزير الفلاحة عن الفساد في هذا المشروع. الأمر هنا لا يتعلق بسراق صغار، بل يتعلق برجال سلطة ووزراء وأناس لهم نفوذ حتى في تعيين الحكومات والوزراء. لهذا، فإن كل يوم يتم فيه الإعلان عن ملف فساد جديد يتقوى الفساد ويزداد حصانة ونفوذا تمهيدا لابتلاع أموال جديدة وممتلكات الشعب. حتى أن الشعب أصبح يطالب السلطة بالكف عن الحديث عن الفساد حتى لا تمس سمعة المفسدين كقوة إقليمية للجزائر الحديثة.

[email protected]

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات