+ -

يبحث كل أطفال العالم عن أحلامهم بين أرجوحة هنا، ودمية هناك، إلا أطفال فلسطين يبحثون عن أحلامهم بين رصاصة هنا واعتقال هناك.. ليخطف الاحتلال الإسرائيلي كل أحلامهم وأمنياتهم في أن يتنفسوا هواء الطفولة في ظل زيتونة وبراءة ووطن حر.

❊ أربعمائة طفل، بينهم سبع عشرة طفلة، وسبعة وثلاثون طفلا تحت سن الرابعة عشرة، ونحو ثلاثين طفلا مريضا، كلهم قتلت أحلامهم بمقعد دراسي تركوه وحيدا، وحقيبة زاهية تحمل مستقبلهم الثمين.. ليجبرهم الاحتلال على الجلوس والتخبط بين ظلمات السجن من جهة ومرارة التعذيب والعزل الانفرادي من جهة أخرى، ناهيك عن نحو أربعمائة وخمسين أسيرا كانوا أطفالا لحظة اعتقالهم وتجاوزوا سن الثمانية عشر عاما، ولا يزالون يذوقون الظلم والاضطهاد في الأسر حتى الآن.مند اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية عام 2000 اعتقل ما لا يقل عن عشرة آلاف طفل فلسطيني، تتراوح أعمارهم ما بين الثانية عشرة والساسة عشرة سنة. وتتعمد السلطات الإسرائيلية زج الأطفال الأسرى مع عصابات المخدرات والمغتصبين والمدمنين. وهو ما يشكل تهديدا على حياتهم، خاصة بعد أن قام السجناء الجنائيون بالاعتداء على الأطفال بالشفرات الحادة، وتهديد بعضهم بالاغتصاب والتحرش الجنسي.ووفقا لإفادات الأطفال الأسرى، فإن سلطات السجون ترفض إخراج الأطفال المرضى إلى عيادات السجن، وحتى إن أخرجتهم فإنهم يتعرضون للضرب وللشتائم والمضايقات حتى من الأطباء والممرضين. وهناك أطفال داخل الأسر بحاجة إلى عمليات لإزالة شظايا أو رصاص من أجسادهم، كما يعانون من أمراض العين والأذن والحساسية والربو أيضا.وتؤكد المؤسسات الحقوقية أنّ الأطفال الأسرى محرومون من الرعاية الصحية والعلاج الطبي المناسب، وعادةً ما تكون أقراص المسكنات هي العلاج لمختلف أنواع الأمراض.ويقول المدير التنفيذي لمركز علاج وتأهيل ضحايا التعذيب، خضر رصرص، لـ«الخبر”: “مثل هؤلاء الأطفال يعانون من مشاكل نفسية وجسدية حتى بعد خروجهم من الاعتقال وصعوبة الاندماج مع المجتمع الخارجي”.ويضيف “من بين الأطفال الأسرى من يتعرضون للعديد من أنواع التعذيب النفسي والجسدي الذي يترك آثاره الخطيرة الحالية والمستقبلية على حياتهم. وتعرض الأطفال للسجن صدمة من الصدمات التي تلوث واقعهم النفسي والفكري الحالي والمستقبلي”.وتابع “هناك بعض الأطفال يتم احتجازهم مع من لديهم سوابق جنائية من الإسرائيليين. فالأطفال في هذه المرحلة يكونون في مرحلة تكوين الهوية والشخصية، ويلزمهم الأمن حتى ينموا نموا نفسيا واجتماعيا سليما، ولكن الذي يحصل العكس تماما”.ويوضح محدثنا المختص في علاج التعذيب “عادة، يتم علاج هؤلاء الأطفال بمراحل مختلفة عند خروجهم من السجن، حسب الحالة النفسية والجسدية التي تخص الطفل. ففي كثير من الأحيان نلاحظ أن الأطفال لا يحتاجون سوى قليل من التوعية والإرشاد والمساعدة النفسية الأولية”.وتابع مستطردا “ولكن في أحيان أخرى يستدعى تدخل علاجي على مستوى أعمق، وهذا يكون من خلال طاقم متعدد ومتخصص يوفر هذا النوع من العلاج والخدمات النفسية”.ويروي المدير التنفيذي، رصرص، حالة أسير بعدما أفرجت عنه سلطات الاحتلال: “طفل أسير أفرج عنه وقضى تقريبا أربع سنوات داخل السجن، وبالتالي كان يشعر بالفرق العمري بينه وبين الشباب الفلسطينيين الذين تقدموا لامتحانات التوجيهي (البكالوريا)، في حين إن زملاءه الذين كانوا معه في عمره كانوا متخرجين من الجامعات.. وبالتالي شعر هذا الأسير أنه تقريبا متأخر عنهم في بعض الإنجازات الحيوية. الأمر الآخر أنه كان يرفض أن يتعامل معه أهله كطفل صغير يحتاج كل الرعاية والعناية والحماية. هذا الأسير أحس أنه، على النقيض، قادر بنفسه على توفير الحماية لنفسه ولأسرته أيضا”.وتتخذ سلطات الاحتلال من قضية هؤلاء الأسرى الأطفال مورد دخل دائم من خلال سياسة فرض غرامات مالية جائرة وباهظة عليهم، بالإضافة إلى أن قاعات المحاكم الإسرائيلية تحوّلت إلى سوق ابتزاز ونهب الأسرى وذويهم. الأمر الذي أرهق كاهل عائلاتهم في ظل الأوضاع الاقتصادية المتدهورة.لم يترك الاحتلال وسيلة إلا واستخدمها لقتل الأطفال الفلسطينيين، وتحويل حياتهم إلى جحيم. فأين المسؤولون؟ وأين أصحاب المؤسسات الحقوقية الدولية لتنقد أحلام براءة ما زالت بين رصاصة هنا واعتقال هناك؟ وبكل بساطة وعفوية، أين الإنسانية؟

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: